تكنولوجيا

السيارات ذاتية القيادة بقلم: محمود علام

السيارات ذاتية القيادة

عمركم تخيلتوا قبل كده إنكوا تصحوا من النوم، وتنزلوا تروحوا شغلكم ومشاوريكم، من غير ما تضطروا للسواقة؟ أكيد حلمتوا قبل كده باليوم اللي تشوفوا فيه عربية بتسوق نفسها بنفسها، بدون سواق.. والحقيقة إن الموضوع ده يوم بعد يوم بيقرب من انه يبقى حقيقة.. إزاي ؟ خلوني أشرحلكم سريعًا في مقال النهارده. 😉

الموضوع بدأ في ٢٠٠٩ لما شركة جوجل Google العالمية أعلنت بدأ مشروعها الخاص للسيارات ذاتية القيادة، بالتزامن مع مشاريع شركات تانية كبرى زي مرسيدس Mercedes و BMW و ليجزاس Lexus و تويوتا Toyota و تسلا Tesla و هوندا Honda و Ford.. كانت في البداية معظم التكنولوجيا المطلوبة للوصول لابتكار سيارة ذاتية القيادة بالكامل، هي بالفعل موجودة عندنا.. أكيد كلكم سمعتم عن الأوبشنز بتاعت العربيات الحديثة، زي مثلًا العربيات الفولكس البولو الجديدة اللي فيها الفرامل الأوتوماتيكية، وكمان عربيات فورد فوكس الحديثة، اللي فيها أوبشن الركنة الأوتوماتيكية بدون سواق! جمع ده كله مع أجهزة الاستشعار الحديثة بتاعت الركنات، ومعاها أنظمة مثبت السرعة Cruise Control الحديثة، وهتكون وصلت لشكل مبدئي وتخيلي لعربية ذاتية القيادة.

لكن جوجل في الواقع ابتكارها أكثر إبهارًا.. العربية بتحتوي على تكنولوجيا متطورة بتتكون من ٨ حاجات.. أولهم هي كاميرا متطورة على سقف العربية إسمها LIDAR بتستعمل ما بين ٣٢ إلى ٦٤ شعاع ليزر عشان تقيس المسافات بين العربية، والعربيات التانية على الطريق، أو العوائق والحوائط والسدود..

تاني حاجة هي كاميرا محطوطة في التابلوه بتاع العربية، عبر النافذة الأمامية، ودي اللي بتبص على أي مارة أو إشارات مرورية.. كمان في رادار صغير متطور متركب في كل إكصدام، عشان يقدر يتتبع حركة السيارات اللي قدام و ورا العربية.. وده غير الإيريال اللي بيستقبل المعلومات الجيوجغرافية من جوجل، والحساس المتركب في العجل اللي ورا عشان يقيس السرعة، والجيروسكوب Gyroscope والتاكوميتر Tachometer اللي بيقيسوا اتجاه العربية وتوجهها بمنتهى الدقة..

العربية في الواقع دخلت حيز التجربة من سنة ٢٠١٧ على طرق العديد من الولايات الأمريكية زي كاليفورنيا ونيفادا وأيداهو، وأثبتت كفاءة كبيرة بالفعل في شغلها! يعني في ناس فعلا ركبت عربيات بتوصلها مكان ما هي رايحة، وهما مش مشغولين بأي حاجة، ولا حتى سواق.. والأجمل ان العربيات الخاصة بجوجل دي غطت مسافة أكتر من ١.١٢ مليون كيلومتر من القيادة بدون حوادث.. مفيش غير حادثة واحدة بسيطة بس، لعربية عادية خبطت واحدة فيهم من ورا، عشان السواق المتخلف موقفش في الإشارة..

طبعًا التكنولوجيا دي بتتطور أكتر يوم بعد يوم، بس لسه فيها مشاكل خطيرة وقاتلة زي مثلا إن العربيات لسه مش متعودة على تصرفات البشر الغبية الغير متوقعة، سواق السواقين العاديين، أو المارة، واللي ممكن أي حد فيهم يعمل أي حاجة ف أي وقت، ويسبب حادثة كبرى بسبب عدم توقع الروبوت أو الذكاء الاصطناعي لتصرفاته..

ده غير إننا عشان نقدر نستعملها بشكل تجاري، هنحتاج إننا نغير البنية التحتية للطرق والإشارات المرورية والأرصفة بأكملها.. وكمان هنحتاج نستخدم تكنولوجيا (إنترنت الأشياء Internet of Things) اللي اتكلمت عنها قبل كده في كبسولة فاتت، عشان نربط الطرق والإشارات المرورية، والعربيات التانية كلها ببعض ف شبكة إنترنت واحدة، يقدروا بيها يتبادلوا المعلومات مع بعض بشكل حقيقي وفوري Real Time، عشان يتفادوا الحوادث والأخطاء المرورية بشكل كامل..

والمفاجأة إن جوجل بالفعل بدأت مشروعها الواسع ده، وحولت قسم السيارات ذاتية القيادة بتاعها لشركة خاصة مستقلة إسمها Waymo، اختصارًا لعبارة (طريق جديد للأمام في التنقل New WAY forward in MObility).. وبالفعل بدأت شغلها حاليًا في مدينة فينيكس Phoenix الأمريكية.. نفس المدينة اللي كانت بتدور فيها أحداث فيلم Twilight لو فاكرينها، بتاعت الواد الفامباير الملزق ده. 😀

تقدروا تزوروا اللينك ده عشان تسجلوا في المبادرة وتجربة السيارات دي، لو نويتوا ف يوم تسافروا أمريكا وتزوروا فينيكس : https://waymo.com

والنتيجة؟

النتيجة إن شكل المرور والطرق في المستقبل هيتغير تمامًا.. فقط تخيل معايا.. تخيل القاهرة من غير زحمة، ولا سواقين ميكروباصات انتحاريين، أو سواقين أوتوبيسات متخلفين عقليًا.. تخيل القاهرة وميدان الجيزة مثلًا وشوارع فيصل والهرم، وهما ماشي فيهم عربيات بتسوق نفسها بنفسها، وبتعدل طريقها إلكترونيًا، جوه نظام مروري متكامل بيمشي العربيات في الطرق بمنتهى الانسيابية بدون توقف أو عطلة.. تخيلوا مشكلة الزحمة تنتهي خالص، وتروحوا مشاويركم ف عربياتكم الخاصة، وانتوا نايمين أو بتتكلموا في الموبايل براحتكم أو حتى بتلعبوا بلايستيشن وأعصابكم مرتاحة..

هو ده شكل المستقبل القريب جدًا اللي جاي بيجري أهو..

محمود علام

محمود علام هو كاتب روائي وباحث، وسيناريست مصري، بدأ النشر منذ سنة 2016، وصدر له العديد من الأعمال هي (كتاب الشمس ٢٠١٦ - الله لا يرمي النرد ٢٠١٧ - التنظيم ٢٠١٧ - السائرون ٢٠١٨ - الجيل الثالث ٢٠١٩ تخت النشر)، و التي نالت كلها صدى واسع في أوساط القراء، جاعلة إياه من أشهر الكتاب الشباب المتواجدين على الساحة وأكثرهم نشاطًا..
زر الذهاب إلى الأعلى