جالي بلاغ باختفاء أربع شباب سنهم من 20 لـ 25 سنة، شابين منهم كانوا من سكان العمارة والآخرين كانوا بيترددوا من وقت للتاني على نفس العمارة.. بسؤال البواب بعد ما تم عرض صور المختطفين المقيمين خارج العمارة عليه قال:
” [محمود، أمجد ] يا بيه اللي اختفوا من سكان العمارة آخر مرة شوفتهم كان من يومين بالظبط، أما الاتنين التانيين [كريم، مسعد] كانوا بيترددوا على العمارة من وقت للتاني كانوا بيزوروا [خالد] صاحبهم
اللي في الدور الرابع شقة رقم 8 ا.هـ”.
وباستجواب خالد الصديق المقرب لأصدقاؤه المختطفين قال:
” [كريم، مسعد] دول أكتر من صحاب واحنا متعودين دايمًا نسهر مع بعض شبه يوميًا لأني عايش لوحدي بعد وفاة والدي ووالدتي، والحقيقة فيه بعض الأيام مبنتجمعش سوا يعني مثلًا يوم مسعد يكون عندي ويوم كريم ويوم نتجمع كلنا سوا، وقبل اختفاء كريم بيومين كان عندي وتاني يوم مسعد جالي الشقة سهرنا سوا ولما سألني عن كريم قلت له هو كان عندي امبارح وبتصل عليه تليفونه مقفول وكملنا السهرة.. وبالنسبة لـ [محمود، أمجد] برغم إننا جيران في نفس العمارة وسنهم مقارب لسني لكن الحقيقة علاقتي بيهم سطحية ومعرفش عنهم أي حاجة ا.هـ”.
وبسؤال علاء صاحب محل البقالة المقابل للعمارة
بعد ما تم عرض صور المختطفين الأربعة عليه قال:
“الاتنين دول يا فندم (أشار على صور كريم، مسعد) أصدقاء خالد.. شوفت واحد منهم أول امبارح خارج من العمارة ومعاه شنطة سودا كبيرة، ورجع تاني للعمارة ومخرجش.. ونفس الكلام للشاب التاني دا شوفته امبارح نازل ومعاه شنطة مشابهة لشنطة زميله ورجع دخل تاني العمارة ومعرفش إذا كان خرج هو كمان ولا لا.. وفي حاجة كمان إن الاتنين كانوا طالعين من غير شنط.. أما بقى بالنسبة لمحمود وأمجد سكان العمارة آخر مرة شوفتهم كان من يومين بالظبط ا.هـ”.
وبمعاينة كاميرات المراقبة الموجودة في الدور الرابع
لاحظت حاجة غريبة..
المختطفين الأربعة ترددوا على الشقة رقم 7 المجاورة لشقة خالد، والأغرب إن محمود وأمجد المقيمين بداخل العمارة دخلوا الشقة ومخرجوش منها، وكانت الفترة الزمنية بين دخول الأول والثاني ساعتين، وفي نفس اليوم ظهر كريم وهو بيدخل الشقة وبعد خمس دقايق خرج منها وكان شايل شنطة سودا كبيرة..
واليوم التالي ظهر كريم وهو بيدخل لنفس الشقة لكنه اختفى ومخرجش، وبعد حوالي خمس ساعات ظهر أمجد وهو بيدخل الشقة وخرج منها وهو شايل شنطة سودا كبيرة ورجع مرة أخرى دخل للشقة ومخرجش منها.. معاينة كاميرات المراقبة أثبتت إلى حد ما صحة شهادة علاء صاحب محل البقالة.
على الفور تم استدعاء [سليمان عبد الواحد] المالك للشقة رقم 7 للنيابة العامة وتم توجيه تهمة اختطاف الشباب الأربعة إليه، وباستجواب المتهم قال:
“أولاً: هخطف شباب إزاي بحالتي دي، أنا راجل مشلول زي ما حضرتك شايف..
ثانياً: الشقة أنا كنت مأجرها لدكتور جراحة اسمه [فؤاد إبراهيم] لمدة أسبوع من يوم 2019/4/7 لـ 2019/4/14 ودا عقد الإيجار اللي بيثبت صحة كلامي، وفي نفس المدة حدثت حالات الاختفاء، حضرتك ممكن تستجوبه هو إنما أنا ماليش دخل بالقضية دي وخلال الأسبوع أنا كنت نازل في فندق اسمه [******] لو سألت هناك هتعرف إني مغادرتش الفندق خلال الفترة دي أ.هـ”.
بعد اطلاع النيابة على تسجيل الفيديو الذي يظهر فيه الشباب الأربعة واختفائهم داخل الشقة رقم 7، تم إصدار أمر من النيابة بتفتيشها.. على الفور تم تنفيذ الأمر.
وتوجهت لمسرح الجريمة، وكان برفقتي خبير من المعمل الجنائي لرفع البصمات.. نظرًا لعدم وجود أي فرد بداخل الشقة تم اقتحامها تم التفتيش.. وطبعًا بلا جدوى.. ولكن تم رفع البصمات بواسطة الخبير وإرسالها للمعمل الجنائي وتم أيضًا إرسال صور من بصمات الشباب الأربعة التي تم أخذها من السجلات المدنية التابعة لهؤلاء الشباب لمطابقتها..
وزي ما توقعت.. تقرير المعمل الجنائي أثبت إن البصمات التي تم رفعها بداخل الشقة كانت مطابقة لبصمات الشباب الأربعة، وبصمات أخرى كانت للدكتور [فؤاد إبراهيم]؛ يبقى دلوقتي المتهم الوحيد هو الدكتور فؤاد إبراهيم.
الحقيقة القضية كانت محيرة جدًا، والدكتور المتهم لم يتم العثور عليه.. العيادة مقفولة بقالها أسبوع، وبالذهاب لمنزله لسؤال زوجته قالت:
“فؤاد سافر علشان يحضر مؤتمر طبي ومتصلش بيا من يوم ما سافر، والحقيقة أنا متعوده إنه بيسافر كتير بالأسبوع وأكتر كمان، لكن متعودتش إنه يقطع الاتصال عني.. كلمت دكاتره زمايله كان قالي إنهم رايحين معاه المؤتمر قالولي مفيش مؤتمر طبي ومسافرناش أصلًا ودا قلقني جدًا واضطريت اعمل محضر في القسم باختفاء زوجي ودا صورة من المحضر أ.هـ”.
وبعد عمل تحريات وإجراء تحقيقات متعددة عن كل شخص لديه أي معلومات تفيد في القضية.. لكن مع الأسف مكانش فيه أي تطور في القضية..
كان لغز ولازم يتحل والحقيقة أنا متعود بقابل قضايا غريبة جدًا، لكن متعودتش إني أعرف إن قضية اتحفظت ضد مجهول أو لعدم الاستدلال على المتهم، واقف عاجز أكيد في ثغرات لكن محتاجه شوية صبر وتركيز ودا اللي عملته فعلًا..
تاني يوم روحت زورت الأستاذ [سليمان عبد الواحد] صاحب الشقة رقم 7 وكان معايا صديق ليا.. الحقيقة رحب بينا جدًا وقلت له أنا جايلك بصفتي صديق وليس ظابط شرطة وكنت حابب أدردش معاك شوية لو تسمح طبعًا..
الحقيقة معترضش ووافق.. دخلت معاه مكتبه وطلبت من صديقي عبدالله يستنى في الصالة.. خلصت كلامي مع الأستاذ سليمان وخرجت من عنده.
قلت لعبدالله عملت إيه؟
قالي كله تمام يا أمير باشا زرعت 3 كاميرات مراقبة، اتنين في الصالة في زوايا مختلفة بحيث نشوف اللي بيتحرك في الشقة واللي واقف قصاد باب الشقة، وكاميرا برا الباب.
قلت له تمام كده أتمنى دا يجي بفايدة!
رجعت البيت دخلت أوضتي عملت فنجان قهوة وبدأت أفكر في القضية وحلها عقلي؛ عرض لي مشهد لما كنت عند الأستاذ سليمان ولاحظت حاجة غريبة.. إن الساعة اللي كان لابسها هي نفس الساعة اللي شوفتها في صورة كريم أحد المختطفين!
لكن دا مش دليل قوي؛ جايز تكون نفس الماركة، عقلي شت من التفكير.
بعد يومين جالي اتصال من صديقي عبدالله اللي زرع كاميرات المراقبة روحت ليه قالي:
“الله عزوجل أراد أن يكشف المتهم الحقيقي.. الأستاذ سليمان شخص سليم يعني مش مشلول لأني شوفته بيتحرك في الشقة على رجليه عادي جدًا، وكمان عملت تحريات في الفندق اللي كان نازل فيه عرفت معلومات أهمها إنه فعلًا حجز غرفة باسمه لمدة أسبوع لكن أحد الهاوس كيبنج لما عرضت عليه صورة سليمان قالي:
“أنا فعلًا شوفت الراجل ده وكان نزيل في الغرفة رقم 168 لمدة أسبوع.. مكانش بيخرج من أوضته، فطار غدا عشا كان بيطلبه ويطلع ليه في الغرفة، وكان بيتعمد إن محدش يشوف شكله، كان بيلبس نظارة سودا كبيرة وكاب، لكن أنا لاحظت في يوم إن كان في شخص تاني مقييم في الغرفة غير سليمان.. مين هو معرفوش أ.هـ”.
طبعًا عملت تحريات أكتر وعرفت إن سليمان حجز الغرفة باسمه، ولما وصل الفندق وصل شخص اسمه [فوزي العادلي] بيسأل على سليمان، بعد ما شوفت كاميرات المراقبة بتاعت الفندق لاحظت إن سليمان دخل الفندق وخرج في نفس اليوم ورجع بعد أسبوع علشان يصفي حسابه، والشخص اللي زاره دخل ومخرجش من الفندق غير بعد أسبوع، وطبعًا شوفت كاميرات المراقبة اللي في الممر الموجود فيه الغرفة المقيم فيها سليمان ونفس اللي ظهر في كاميرات الفندق من الداخل ظهر في كاميرات الممر.
معنى كده يا عبدالله إن سليمان كان عامل خطة علشان لو مؤامرته اتكشفت يثبت إنه كان حاجز في فندق لمدة أسبوع لكنه مكانش موجود وشخص آخر كان بيحل محله! طيب كان موجود فين خلال الأسبوع دا؟! وبعدين بقى في الحيرة دي! الراجل دا مش سهل!
روحت أنا وعبدالله للنيابة وعرضنا تسجيل الفيديو اللي صورته كاميرات المراقبة اللي تم زرعها في شقة سليمان، دا طبعًا بعد ما خدنا إذن من النيابة بكدا ومعانا نسخة من تسجيل كاميرات المراقبة التابعة للفندق.
خدت إذن تاني من النيابة بتفتيش شقة سليمان.. روحت هناك وفتشت وطبعًا مكانش فيه دليل، لكن إحساسي قالي إن فيه خيط مهم جدًا موجود هنا.. دورت في الشقة كويس وآخر حاجة دورت فيها كان صندوق القمامة اللي في المطبخ، لقيت ورقة مكتوب عليها:
“راجل كبير وعاجز.. لو سمحت محتاج مساعدتك”.
واختصارًا لسير القضية تم استدعاء سليمان مرة أخرى للنيابة، وبمعرفتنا أقر واعترف إنه فعلًا المتهم
في خطف الشباب الأربعة، قال:
“أنا علقت الورقة دي على باب شقتي علشان استدرج الضحايا اللي لسه فيهم الخير.. طبعًا اللي كان بيخبط عليا بيقولي تحت أمرك محتاج مساعدة إيه؟
كنت بخدره بمساعدة الدكتور فؤاد، وطبعًا بعد كده بيتم تشريح جسمه وناخد أعضاؤه الحيوية ونبيعها، وبعد ما يتم ذلك كنت بقطع الجثة لقطع صغيرة واعبيها في شنطة سودا، والضحية اللي كان بيجي بعد كده بطلب منه إنه يرمي كيس الزبالة دا وهو ميعرفش إنه شايل جثة متقطعه، وكان بيرجعلي لأني بطلب منه يشتري ليا حاجة من الصيدلية علشان اتخلص منه هو كمان، وبخصوص الدكتور فؤاد قتلته ورميته في البحر هو والشخص اللي حل محلي في الفندق أ.هـ”.
تم الحكم على المتهم سليمان عبد الواحد بالإعدام شنقًا.