حدث بالفعل

لغز جين دو سانت لويس بقلم: محمد عصمت بتاع الرعب

جين عصمت
” دا مبنى مهجور، تفتكِر هنلاقي جواه حاجة؟ ”

واحد من الباحثين عن الخُردة سأل زميله وهُمَّا واقفين أدام البيت المهجور اللي في سانت لويس، زميله بص على البيت شوية بتردُّد قبل ما يقوله: ” طب تعالى نجرَّب.. هنخسَر إيه؟ ”

زميله فكَّر شوية قبل ما يهز كتفه بلا مُبالاة وهو بيقول: ” مش هنخسَر حاجة.. مين عارف! يمكِن نلاقي حاجة مُهمة أو حاجة غريبة ”

c682e5a0 0224 42fc aa90 3af8958636cd

دا تخيُّلي للحوار اللي دار بين إتنين من الباحثين عن الخُردة أدام البيت المهجور رقم 5635 في جادة كليمنس بسانت لويس، وفي الحقيقة هُمَّا مكانوش يعرفوا إنهم فعلًا على وشك يلاقوا حاجة مُهمة وغريبة أكتر مما يتخيلوا

 

في 28 فبراير 1983، الإتنين دول دخلوا أوضة من أوض البيت المهجور دا عشان يكتشفوا مشهَد مُرعِب ومروِّع، جُثة لبنت أمريكية من أصول أفريقية، عُمرها بين الـ 8 والـ 11 سنة تقريبًا، راسها كانت مقطوعة تمامًا، وكانت لابسة تيشيرت لونه أصفر متغرَّق دم، إيديها مربوطة بخيط من النايلون لونه أحمر وأبيض، ونايمة على وشها، ونصفها السُفلي عاري تمامًا

بمُجرَّد وصول المُحقِّقين ورجال الشُرطة لمسرح الجريمة، هيكتشفوا فورًا إن المكان دا مش هو مسرح الجريمة، ودا لأن مفيش دم كفاية ملوِّث المكان، يعني.. راسها إتقطعت في مكان تاني وبعدين تم نقلها لهنا، طبعًا الطب الشرعي كان لازم يتدخَّل عشان يعرف البنت دي راسها إتقطعت إزاي، والإجابة كانت سهلة وبسيطة، تم قطع الراس بواسطة سكين ضخم وكبير، التشريح أثبت إن البنت تم اغتصابها، وإن سبب الموت هو الخنق وإنها ميتة من حوالي 5 أيام

أما بالنسبة لراس البنت دي، فلحَد النهاردة ملهاش أثر، على الرغم من إن وقتها عملوا رحلات بحث مُكثَّفة في كُل مكان، وللأسف لأن الراس مش موجودة، فكان مُستحيل يتعرفوا على هويتها من خلال سجلات الأسنان، ولا قدروا يعملوا أي عمليات لإعادة بناء الوجه

لغز جين دو سانت لويس بقلم: محمد عصمت بتاع الرع

المُحقِّقين اللي شغالين على القضية، بدأوا يدوروا في كُل المدراس القُريِّبة، لكن مفيش فايدة

دوروا في كُل القضايا والبلاغات الخاصَّة بالأطفال المفقودين، لكن برضه مفيش فايدة

مرَّت شهور طويلة بدون ما أي حد يتعرَّف عليها أو يطالب بجُثتها، في النهاية تم دفنها في شهر ديسمبر 1983 في المقابر العامة بسانت لويس

سنة 2013، بعد حوالي 30 سنة من وفاتها الغامضة، صدر أمر باستخراج جُثتها وإعادة تشريحها باستخدام الأدوات والتقنيات التكنولوجية الحديثة، وتم نقل رفاتها لمكتب الطب الشرعي في سانت لويس، وهناك الباحثون اللي في معهد سميثسونيان وجامعة شمال تكساس عملوا إعادة معاينة لعينات العظام والمعادن، حاجة اسمها (تحليل مستقر للنظائر)، ودا بيعملوه عشان يضيَّقوا أصولها الأصلية على أساس المياه اللي شربتها

ونتيجة التحاليل كانت مُفيدة جدًا، لأنها أثبتت إن البنت دي عاشت حياتها في واحدة من الولايات الجنوبية الشرقية زي جورجيا، مسيسيبي، أركنساس، تكساس، تينيسي، فلوريدا، لويزيانا، كارولينا الجنوبية، أو كارولينا الشمالية

لغز جين دو سانت لويس بقلم: محمد عصمت بتاع الرع

أما سترتها الملوَّثة بالدماء، فتم إرسالها بالبريد لفلوريدا، عشان يتم إعادة فحصها، لكنها للأسف الشديد موصلتش هناك، ضاعت في البريد!

للأسف الأدلة الجديدة مكانتش كفاية عشان يتم التعرُّف على هوية البنت اللي أطلقوا علينا (جين دو سانت لويس) أو (هوب/أمل)، ولسَّه لحَد النهاردة هويتها مجهولة وقاتلها مجهول

وقلة الأدلة دي كانت مخليَّة قايمة المُشتبه بيهم قصيرة أوي، كان صعب اتهام أي حد بالموضوع دا

يعني مثلًا في مُنتصف السبعينات، تم اتهام فيرنون براون بالتحرُّش ببنت صُغيَّرة عُمرها 12 سنة، واتحكَم عليه بالسجن لمُدة 4 سنوات، وبمُجرَّد خروجه لقوا جُثة كيمبيرلي كامبل مخنوقة ومُغتصَبَة في بيت مملوك لوالدته، وعلى الرغم من إنه كان المُشتبه بيه الوحيد في القضية لكن الأدلة كانت قُليِّلة أوي، عشان كدا لم يتم اتهامه رسميًا في القضية دي
لغز جين دو سانت لويس بقلم: محمد عصمت بتاع الرع

بعد سنوات من الواقعة دي، فيرنون كان عايش في سانت لويس، الكلام دا في أكتوبر 1986، تحديدًا يوم 24.. كان فيرنون قاعد في شُرفة بيته الأمامية وبيتفرَّج على أطفال الحي وهُمَّا مروَّحين بعد نزولهم من أوتوبيس المدرسة

ولاحظ بنت منهم، عندها 9 سنوات، واسمها جانيت بيركنز، كانت بتمشي تقريبًا 15 دقيقة عشان توصَل بيتها البعيد شوية، وقدر يقنعها في يوم تدخُل معاه البيت، على الرغم من وجود أطفال زوجته في البيت، إلا إنه أمرهم يطلعوا أوضهم ويقفلوا على نفسهم بالمُفتاح

أخد جانيت ونزل القبو، ربطها وكتفها، وبدأ يخنقها بحبل عشان تموت، ولاد زوجته مسمعوش كلامه وخرجوا من أوضهم وشافوا اللي حَصَل، وبدأوا يصرخوا زي المجانين

طبعًا تم القبض عليه، واعترف إنه قتلها، محاولش ينكر حتى

اعترف إنه قتل واغتصب أكتر من بنت سنهم صُغيَّر، طبعًا شكوا فيه، وحققوا معاه كتير في قضية قتل جين دو لكنه رفض الاعتراف تمامًا إنه هو اللي قتلها رغم تطابق الطريقة، أعدموه سنة 2005 بالحُقنة القاتلة، ولحَد قبل الإعدام بلحظات كان رافض يعترف بقتل جين دو

فيا ترى مين اللي قتلها؟

وإيه هي هويتها الحقيقية؟

وفين راسها لحَد النهاردة؟

دي كُلها ألغاز جديدة هتنضَم لـ (حقل الألغاز)

محمد عصمت

ولد الكاتب محمد عصمت عام 1988م في محافظة دمياط بمصر ، تخرج من كلية التجارة، اشتهر بكتاباته روايات الرعب و أعماله القصصية المترجمة ،و كانت أولى رواياته بعنوان “الممسوس” عام 2014م ، و هي رواية رعب فريدة من نوعها ، وصدر له روايات أخرى مثل (باب اللعنات، الجانب المظلم، ذاتوى) ، ويصدر له على موقع شخابيط سلسة مقالات حقل ألغاز
زر الذهاب إلى الأعلى