النيل الخالد عمره 30 مليون سنة
اعتبر المصريون القدماء أن نهر النيل هو مصدر الحياة. فلقد غذى المسار الثابت للنهر الوديان الخصبة في شمال شرق إفريقيا لملايين السنين، وبذلك شكل مسار الحضارة الإنسانية.. فقد ولد النيل قبل أن يكون للبشر أثر على الأرض، وعندما ظهروا كانت ضفاف النيل المكان الذي منه ولدت الحضارة الإنسانية.
لطالما كان مسار النيل الذي لا يتغير لغزًا جيولوجيًا لأن الأنهار طويلة العمر عادة ما تتحرك بمرور الوقت.. لفهم هذا اللغز قام الباحثون بربط تدفق النهر بحركة الصخور في طبقات الأرض العميقة. أثناء البحث، وجدوا بالصدفة أن عمر النيل يصل إلى 30 مليون سنة، أي حوالي ستة أضعاف طول ما كان يعتقد سابقًا.
وجد البحث، الذي نُشر في 11 نوفمبر في مجلة Nature Geoscience، أنه لولا حركة الطبقات العميقة من الصخور تحت النيل لما بقي النهر في مساره، ولكان النيل قد تحول غربًا منذ فترة طويلة، وربما غيّر مجرى التاريخ معه. ولقد ظلت أحد الأسئلة الكبيرة حول النيل هي متى نشأ ولماذا استمر لفترة طويلة؟
ولقد كانت الإجابة عن السؤال مثيرة بشكل غير متوقع. لذا يجب أن تساهم النتائج في إيقاف الجدال طويل الأمد حول بداية عصر النهر، كما أنها تقدم دليل على أن الحركة البطيئة للطبقات العميقة للأرض هي إحدى القوى الرئيسية التي تشكل المناظر الطبيعية والعمليات الجيولوجية.
تتكون الطبقات العميقة للأرض من صخور صلبة تتدفق مثل السائل على مدى فترات طويلة. مثل التيارات في المحيط، فإن المناطق لها أنماط دوران مختلفة.
فبعد دراسة هضبة أثيوبيا تبين أنها قد تشكلت منذ 30 مليون سنة، وبدراسة دلتا النيل تبين أنها تحتوي على نفس نوعية الصخور التي كانت موجودة في هضبة أثيوبيا في تلك الحقبة، مما يثبت أن النيل قد حمل تلك الرواسب منذ ثلاثين مليون سنة.
ظل مسار النيل ثابت لا يتغير يحمل الماء من منابع النيل إلى مصر كل تلك الفترة ليؤكد مقولة أن “مصر بدأت ثم بدأ التاريخ”.