تاريخ

إليكم معنى التاريخ بقلم: رنا مسعد

إليكم معنى التاريخ بقلم: رنا مسعد
خدعوك في الصِغَر وقالوا لك أن علينا مذاكرة التاريخ بالحفظ وليس بالفهم..

فحفظت مئات الكلمات دون وعي أو نقد لما تتجرعه من مواعظ ومواقف مُكرره..

لم تَنلْ الفرصة لتتوقف لحظة لتسأل هل هذا هو المعنى الحقيقي للتاريخ؟ ماهي فائدة التاريخ؟ هل التاريخ هو فقط أحوال حكام البلاد والشعوب والحروب؟ أم هناك معنى أكبر وأشمل؟ 

حاول معي عزيزي القاريء أن ترى الصورة بمفهوم أوسع:

لم يُخلق شيء بدون بداية على الإطلاق، فكوكب الأرض والكون لهما نشأة وعُمر طويل خلاله وقعت تغيرات مهولة.. هذه التغيرات عندما نتذكرها أو ندرسها اليوم تكون ذات هيئة تاريخية تخص الكون.

واللغة التي تحدّثوا بها من سبقونا منذ قرون عديدة لم تشمل تعبيراتنا وألفاظنا التي نرددها اليوم، وعندما نسترجع أو ندرس هذه اللغة القديمة وعوامل تغيرها يكون ذلك بشكل تاريخي خاص باللغة.

وكذلك الحال في كل المجالات (الطب، الفلسفة، الزراعة، الصناعة، الأزياء، الطعام، المباني، الأثاث، الأجهزة الكهربائية، الفن، علم النفس، علم الاجتماع …إلخ).

فلكل مجال تاريخ ولكل شيء بداية وماضي وتطور، وما مضى يُعَد تاريخًا.

إذًا فاختزال تعريف التاريخ بأنه “مجموعة من الأحداث السياسية والمعارك والحروب”، تعريف يحمل بعض الفِكر المغلوط والمنقوص.

وهنا علينا أن نُميز بين تاريخ الصراعات السياسية والحروب وبين تاريخ باقي العلوم والمجالات ولكن في نفس الوقت نُدرك تأثير الظروف السياسية على المجتمع ومجالاته، فمثلًا وجود صراعات ونزاعات على السُلطة في بلد ما بالتأكيد ستؤثر على الاقتصاد وظروف الأفراد الاجتماعية وبقية جوانب الحياة.

فالتاريخ باب واسع يحمل أسرار البدايات الأولى للإنسانية، يجعلك ترى الكيفية التي صنع بها البشر حضاراتهم ودنياهم المختلفة، به عِبر لأنه يحدثنا عن مواقف مجموعات وأشخاص من ملوك وفنانين، رؤساء ومؤرخين، مرآة موجودة بشكل دائم لمقارنة الأوضاع والمعتقدات عبر الزمن، فمن التاريخ سندرك توجُه وشكل المستقبل، ألا يعكس كل ذلك أهمية قراءة سطر واحد منه؟

فمن لا يعرف تاريخه وأصله لن يرى بوضوح منحنيات الحاضر والمستقبل، سيفتقد لمحة من الحكمة ضرورية جدًا في أوقات اللغو كالتي نعيشها.

لو كان بينكم أيها القُراء الأعزاء من يحب الفلك فليقرأ تاريخه، ومن يحب الأدب العربي فليقرأ تاريخه وكل مُحِب لعِلم أو فن أو حقبة تاريخية يقرأ بقدر ما يستطع عنهم ويغوص في ثناياهم، فإذا شعرتم يومًا بالتيه ستدلكم سطور المعرفة بلا شك.

زر الذهاب إلى الأعلى