الصديق
أنا اسمى.. مش هتفرق. مش مُهم أنا اسمى إيه، المهم إنى صاحب جدع أوى. بقف مع أى حد من أصدقائى فى أى موقف. بقعد معاه نحلل المُشكلة كويس، ناخد قرار، ونبدأ الخطة بشكل مُحترم ومُتَحَضِر، وده إللى بيخلي الناس تلجألى فى كُل المواقف تقريبًا.
بس صديقى (الصدوق) زى ما الناس بتقول، هو (أحمد عبد الخالق). مع بعض من زمان أوى. كُل أوقات حياتُه مقضينيها سوا. من أول ما دخل الحضانة لحد ما دخل الجامعة وأنا معاه. حتى بعد ما اشتغل، دايمًا ناخد رأى بعض، دايمًا بيسمعنى، ودايمًا بيشكَّر فى حلولى للمشاكل. تقريبًا مش بيلجأ لحد غيرى.. صاحبه بقى، هعمل إيه؟
بس أحمد كان عنده مُشكلة من صغره، دايمًا كان عديم الثقة في نفسه، دايمًا كان حاسس إنه مكروه ومغلوب على أمرُه. وده كان بينرفزنى جدًا!!، كُنت دايمًا أحاول أقولُه إنه مينفعش يعيش بالشكل ده، ولازم ياخد موقف، لازم يعرف إننا عايشين فى غابة، القوي دايمًا بيجى على الضعيف، واللى فى حالُه ملوش مكان فى الدُنيا دى، بس عُمرى ما أقنَعتُه بشئ يأذيه أبدًا.
أحمد لما بدأ الشُغل فى شِركة (….) كان عندُه حماس رهيب. شايف الدُنيا بنظرة مختلفة، قنبلة حماس رهيبة. بدأ ساعتها يبعد عنى وينشغل بحياته، بس عشان أحمد زى ما قولتلكم كان عنده قلة ثقة فى نفسُه، كان دايمًا بيتعرض لمُضايقات من مُديره في الشُغل، (حسن كِشك). راجل عجوز مُتَعَجرِف، شايف إنه دايمًا صح وإن الشباب مُجَرَد عدد محسوب على البشرية، وإنهم لا يملكون من الخِبرة شئ وميستحقوش أى فُرصة.
أحمد حاول كتير يعرض عليه أفكار ومشاريع، مُخططات تِخَلّى الشركة فى مكانة إقتصادية تانية خالص، وإيه المُقابل؟ تهزيق وتهكُم على أحمد قُدام الناس فى المؤتمرات المُهمة والإجتماعات، كُل ده وأنا شايف من بعيد وساكت.. مش بحاول اتدخل خالص.
لحد ما جه اليوم اللى احتاجنى فيه,،زورتُه ولقيتُه متضايق جدًا ومضغوط نفسيًا، قولت مينفعش صاحبى يعدى عليه اليوم من غير ما يكون مرتاح ومبسوط.. وبدأت أتناقش معاه:
“هتعمل إيه؟”
“مش عارف… إنت إيه رأيك؟”
“من رأيي، الدم بلاش.. ممكن نلاقي أي طريقة تانية غير الدم”
“ما هو مش هيتصلح حالُه معايا.. دايمًا هيفضل كده. دايمًا هيفضل شايفني ضعيف وهيجي عليا”
“طيب ليه بتلومُه؟ ليه مش بتلوم نفسك؟”
“ألوم نفسي على إيه؟”
“على إنك ضعيف… ”
“أنا مش ضعيف.. أنا بحترم نفسي”
“وإحترامك لنفسك جابلك إيه؟”
“جابلي.. جابلي إيه إزاي؟ جابلي.. جابلي إحترام من الناس”
“أنهي ناس؟ اللي فى الشارع؟ ولا اللي في العمارة معاك؟ كلهم عارفين إنك…”
“إني محترم!!….؟؟”
“ده سؤال ولا إجابة؟”
“إجابة طبعًا.. ”
“ها.. يمكن.. ”
“يعني إيه يمكن؟ أيوه بيحترموني.. بيحترموني جدًا”
“وهو بيحترمك؟”
“لا.. بيستضعفني”
“يبقي مش بيحترمك”
“لا.. بيحترمني.. بس حاسس إني ضعيف”
“لو بيحترمك مش هيحسسك إنك ضعيف.. أو ممكن إنت اللي شايف كده.. أو.. إنت أصلًا ضعيف”
“متقولش ضعيف.. !!”
“مش أنا اللي قولت.. إنت اللي بتقول”
“أنا ممكن أرُد بس مش برضى.. بمسك نفسي”
“لو بتمسك نفسك وواثق في نفسك، يبقي مش هتفكر كده”
“قصدك.. قصدك إيه؟”
“مقصديش.. إنت عايز إيه؟”
“عايزك متقولش إني ضعيف!!”
“طيب يا سيدى، مش هقول إنك ضعيف.. هل كلامي من عدمُه هيفرق؟”
“أه هيفرق.. أه هيفرق.. أنا مش ضعيف.. أنا إتربيت على إني مفتريش على حد”
“وكان إيه النتيجة.. ؟”
“النتيجة.. النتيجة.. !!”
“أقولك أنا إيه النتيجة.. إنعدام ثقة في النفس، تردُد في إتخاذ القرارات في مواقف ضرورية، وسواس قهرى من نظرات الناس ليك، مش بتنام كويس، لما بيحصل موقف بايخ ومش بتعرف ترد في وقتها، بتفضل طول الليل تحاسب نفسك إنك مردتش على اللي أذاك.. أو.. معرفتش أصلًا ترد”
“كفاية.. كفاية.. !!”
“هو أنا اللي فرضت عليك نفتح الموضوع؟”
…………..
“سكتت ليه؟
“بفكر.. ”
“بتفكر في كلامي؟ ولا حاسس بالذنب تِجاه نفسك؟”
“الإتنين.. بفكر في كلامك.. وزعلان على نفسي.. ”
“طيب بدل ما تقعد تندب على حظك.. ما تاخُد موقف؟”
“أعمل إيه.. ؟”
“إنت قول هتعمل إيه.. ده قرارك مش قراري أنا.. ”
“لازم أقتلُه..”
“مش هتقدر.. هتخاف.. عشان كده قولتلك الدم لا.. لسه قدامك كتير على خطوة زي دي”
“لا.. مش هخاف.. مش هخاف…بس بإيه؟”
“بأي حاجة.. ده قابيل قتل هابيل بطوبه (حَجَر).. أي حاجة ممكن تقتل بيها.. أي شئ ممكن يبقي وسيلة للأذى، بالإستخدام الصح… ”
“طيب ما توريني أعملها إزاي؟”
“لا يا صاحبى.. أنا مبوريش حد حاجة.. أنا أفكر معاك بس.. ده قرارك إنت”
“أنا هتصرف.. أنا هتصرف.. هشوفك تاني؟”
“أكيد.. أنا معاك يا أحمد فى أى حاجة.. متقلقش”
(بعد ثبوت الأدلة والبراهين، بأن المتهم أحمد عبد الخالق البالغ من العمر ٣٠ عامًا. قد تربص بمديرُه في العمل، المجني عليه حسن كشك البالغ من العُمر ٥٥ عامًا. حيث قام المتهم، عن عمد، بضرب المجني عليه بأداة حادة (تمثال من الفضة) عدة ضربات على الرأس أدت لوفاة المجني عليه.. حكمت المحكمة حضوريًا، بإحالة أوراق المتهم لفضيلة المفتي.. رُفِعت الجلسة)
“أعمل إيه دلوقتى؟ إتصرف! إلحقنى من اللى هيجرالى..!!”
“وأنا مالي؟ أنا قولتلك اقتلُه؟”
“أه.. إنت السبب.. إنت اللي خليتني أقتلُه!”
“لا.. أستغفِر الله.. أنا مقدرش أقولك تعمل حاجة قذرة زي ده.. إنت اللي اخترت.. وإنت اللي قررت”
“إنت السبب!!.. إنت اللي وصلتني أعمل كده!!”
“وصلتك؟ إنت عبيط؟ كل كلامي معاك أول مرة بلاش دم.. ولما سألتني تاني مرة.. قولتلك بلاش دم.. وصلتك إزاي؟”
“إنت اللي استفزيتني.. إنت اللي لعبت بدماغي”
“هو إنت مش مُحترم وبتمسك نفسك… و تقدر تأذي بس مش بترضي؟ إزاي هستفزك؟ إحنا يا صاحبي كل كلامنا سوا كان دردشة في حقايق موجودة في شخصيتك.. و إنت اعترفت بيها.. ثانيًا.. إنت اللي قررت بمحض إرادتك إنك تقتل ولما سألتني أوريك.. قولتلك لا، صح؟.. ثالثًا.. لما سألتني أقتل بإيه؟ قولتلك أي حاجة ممكن تبقى وسيلة للقتل.. طيب بذمتك، أنا في كلامي صراحةً قولتلك اقتل؟”
“حرام عليك.. حرام عليك ساعدني أرجوك.. ساعدني”
“مقدرش أساعدك.. مينفعش.. إنت غلطت ولازم تتعاقب.. العدالة لازم تاخُد مجراها”
“أبوس إيدك.. أبوسك إيدك.. هعمل أي حاجة!!”
“أي حاجة؟ هتنفذ أي حاجة؟”
“أه.. أي شيء بس أعيش”
“إركع… إركعلي!!”
“أركعلك؟ أركعلك إزاى؟”
“زي ما كُنت بتركع قبل كده.. إيه؟ مكونتش بتركع قبل كده؟”
“وهعيش؟.. لو ركعت هعيش؟”
“ممُكن….. مُمكن تعيش.. وممكن لا؟”
“يعني إيه مُمكن؟ يعني ممكن أه أو لا؟ مفيش وقت.. تنفيذ الحُكم النهاردة…!!”
“في إيدك حل تاني؟ ده الحل اللي عندي.. والغرقان بيتعلق بقشاية زي ما بيقولوا.. إيه.. هتتردد في حياتك كمان؟ مش كفاية طول حياتك متردد وقلقان وخايف.. ههههههه…!”
“حاضر.. حاضر يا صاحبي هركع. ”
“متخافش، أنا يهمنى مصلحتك يا صاحبى”
(يُفتَح باب الزنزانة فجأة)
“إزيك يا أحمد.. يلا.. هاتوه!”
“يا صاحبي إنت فين؟ لا لا حرام عليكُم سيبونى!! أنا مش عايز أموت!! يا صاحبى إنت فـيـــــــــــن ؟ لا أنا نفذت اللي إنت عايزُه.. أرجوك إلحقني أرجوك يا صاحبي أرجوك لااااا لاااااا”
“أحمد إتعدم، وبصراحة مش فاهم ليه كان زعلان أوى؟ ماهو قتل، مش بتقولوا من قتل يُقتَل؟ أنا مليش ذنب في اللى حصل ماشى؟ عشان مش كُل مرة هتعلقوا مصايبكم وأفعال نفوسكم المريضة على شماعتى. دايمًا بتقولوا إن أنا سبب المصايب والكوارث اللى فى حياتكُم، مع إن كُل حاجة كانت ماشية كويس فى حياتى أنا! قبل ما إنتم تظهروا وتبوظوها. نزلتونى من أعلى المراتب، عشان أبقى معاكُم يا تُعسا يا أغبيا.
بس مش هنكر برضُه إن أنا قلبى طيب. مش بقدر أشوف حد فيكُم محتاجنى ومجريش عليه عشان أساعدُه و أخفف عَنُه. بالذِمة بتعملوا كِده مع بعض؟ فى حد مِنكُم بيلاقى حد مِحتاجُه ويسافر عشانُه أميال وبلاد عشان يساعدُه؟
أنا هظهرلك فى وقت شدتك، أحاول أساعدك وأشيل عنك همومك اللى يا مسكيـــــن مش عارف تتخلص منها، وبما إنى بحب الخير، فهتلاقينى فى كُل مكان. بقدر أدخُل من أى مَنفَذ أنا وأولادى.. أه، أولادى.. اللى دربتُهُم على المُهِمة العظيمة دى!
إحنا و إنتُم هنِفضَل عايشين سوا فى مُغامرة، مُغامرة أبدية. وهحاول على قد ما أقدر.. إنها تنتهى زى ما أنا عايز!!.
#حكايات_الظلال.