لكــل مبــدع سواء كاتب او فنان …
اذا لديك قدر كافى من الابداع فأنت دائما تسعى للحصول على ما هو الافضل فى ابداعك
ولكن هذا الامر وإن كان يبدو جيداً الى حد ما فهو فى الاصل قد يكون مدمر مؤقت لإبداعك
ومن المحتمل ان يُحال من المؤقت الى الدائم الكاتب دائما يبحث عن قصة جيدة ويسعى للحصول على فكرة افضل او قصة قد تكون ممتعة اكثر .. وايضا الرسام او الممثل فكل مبدع هو دائما فى حالة شك ..
هل ما قدمته حقا جيد ام هناك ما هو افضل ؟
ومن هنا ينطلق مفهوم ” متلازمة الورقة البيضاء Blank Page Syndrome ” : وهى التوقف عن الابداع لفترة من الزمن قد تبدأ من ايام ثم تؤول الايام الى اسابيع او شهوراً وربما أعواما !
قد تظل لساعات تنظر فقط الى صفحة فارغة تنتظر هذا الالهام ان يقفز الى ورقتك البيضاء ولكن لا شئ سوى فراغ لا شئ يأتى ..
الامر كاللعنة حقاً وقد يعتقد البعض ان تلك المتلازمة تصيب المبتدئون فقط ..
ولكن لا ففى الحقيقة الكثير من المبدعين فى مجال الكتابة بالاخص وهم من الكتاب الكبار والمعروفين قد اصيبوا بتلك المتلازمة مثل الكاتب “ارنست همنجواى ” صاحب جائزة نوبل فى الادب قد تم سؤاله ما هى اكثر المخاوف التى واجهها فى حياته ؟
وعلى الرغم من انه تصارع مع ثور فى اسبانيا وصاد الكثير من الحيوانات المفترسة فى افريقيا وقد نجا من رصاصة فى حرب كمراسل إلا وإن كانت إجابته هى ( الورقة البيضاء ) !!
والكثير من الكُتَّاب والمؤلفين ايضا منهم كاتبة الاغانى البريطانية ” إديل ” وصاحب سلسلة “هارى بوتر” الشهيرة ويقال ايضا ان الكاتب العربى المعروف نجيب محفوظ قد توقف عن الكتابة لمدة خمس سنوات بعد الثلاثية الرائعة لانه اصيب بتلك المتلازمة المعروفة فى مجال الكتابة والتاليف بالاسم العلمى ” قفلة الكاتب Writer’s Block ”
واول عالم قد تحدث عن تلك المتلازمة هو الطبيب النفسى ” إدموند بيرجلر ” وذلك فى عام 1974
قد يمتلئ عقلك بالكثير من الافكار ولكنك عاجز عن ملئ تلك الصفحات الخالية وهذا هو اكثر كابوس قد يواجه اى كاتب فى اى مرحلةبل ايضا لكل مبدع يحتاج ابداعه الى ورقه بيضاء لتمتلئ ..
و ان اكثر المبدعين اصابة بتلك المتلازمة هم الاكثر موهبة وابداع وغالبا تحدث عقب نجاح كبير للكاتب او هذا المبدع وهذا لخوفا من ان القادم قد لا يكون بنفس مستوى العمل الاول …
( وقد تحدث الدكتور ” أحمد خالد توفيق ” – رحمه الله – فى كتاب ( اللغز وراء السطور ) عن متلازمة الصفحة البيضاء الذى وصفها بـ سدّة الكاتب بأن من أسباب حدوث السدّة هى نتيجة ظروف اكتئاب عابرة تشعر الكاتب بالسدى والهباء وقد وصف الامر مثل ” الهدّاف الذى يقف امام المرمى متأهباً لتسديد ضربة الجزاء .. فيحبس الجميع انفاسهم ..
يتهيب ان تضيع هذه الضربة ويخسر فريقه والجميع يخشى ذلك ايضا وهو يقف ولا يعرف كيف يبدأ .. القلق قد جعله عاجزا عن توجيه الركلة
” و إن العبقرى ” الخليل بن أحمد الفراهيدى ” كان يرفض كتابة الشعر ــ وهو واضع علم البحور ــ فكان يقول : ما يأتينى منه لا أرتضيه .. وما أرتضيه منه لا يأتينى وتحدث ايضا عن كيفية مقاومة تلك السدّة وما هى الحيل الكثيرة التى يستخدمها للتجنب من اصابة هذه المتلازمة وهى : ترك العمل لفترة قصيرة والتلهى بأعمال اخرى وهذا ينعشك ويعطيك افكار جديدة وطاقة لمواصلة أعمالك .
الحل الذى دعى اليه العالم ” همنجواى ” هو الا تفرغ كل ما لديك على الورق فمن الممكن ان تترك بعض من العصارة لليوم التالى وهذا لتجد شيئا لمتابعة ما كنت تفعله لا بد من كتابة اى شئ فى اليوم فإن الكتابة والعمل الابداعى يضمر بعدم الاستخدام وتصدأ موهبتك كمفاصل البوابة والتوقف لفترة طويلة عنها يجعل الرهبة مضاعفة فيصير الحرف على الورق مغامرة مخيفة غير محسوبة العواقب .. )
إن ممارسة العمل الابداعى لدى المبدعين هو امر أشبة بحياة لهم وان ظهور العوائق قد يسبب فى حدوث اضطربات نفسية لديهم وانه الامر حقيقة هو لعنة يماثل الاصابة بشلل نفسى كما وصفته الكاتبة ” جى كى رولنج ” كاتبة سلسلة ( هارى بوتر ) ..
فى نهاية هذا المـقال ادعوا الله ان يحفظنا من الوقوع فى شرها .. فتخطى هذا العائق ليس بـ هين !