قصص الرعب

مذكراتي

مذكراتي
كانت ليلة تعيسة كالعادة، وأنا وحيد.. مراتي وبنتي ماتوا في حادثة من سنة، ومن ساعتها كتاباتي منتشرة بإنها أتعس وأحزن كتب، بس على الأقل واقعية وبتجيبلي جوايز كتير.

صحيت الصبح على صوت جرس الباب وحد بيخبط جامد وكتير، ولأني طبعًا كنت شارب في حفلة امبارح فوقت بعدها بشوية.

 

– أستاذ يحيى، أنا آسفة إني بزعج حضرتك في وقت زي ده وإني محتاجاك في حاجة ضرورية، ينفع أدخل؟

ولأني كنت متعصب جدًا وتعبان فتحتلها الباب من غير ما أتكلم في حاجة.

 

– أستاذ يحيى، أنا كنت عايزة حضرتك تكتب قصة حياتي.

ضحكت بسخرية وطلبت منها إنها تكمل..

– معلش، أنا معرفتش اسم حضرتك إيه قبل ما تكملي؟

– أنا.. أنا اسمي رنا.. أنا قصتي طويلة جدًا وكنت بشتغل مع جماعة سرية، ولو قدرت إنك تساعدني هبقى ممتنة جدًا وبالمبلغ اللي أنت تطلبه.

 

أول ما سمعت جماعة سرية رفضت على طول، أنا مش عايز خطر على حياتي

– أنا مبكتبش قصص عن حياة حد، وياريت متجيش هنا تاني أو يستحسن تشوفي كاتب غيري.

– مقدرة كل عصبيتك دي، أنا فعلًا همشي بس هسيب لحضرتك مذكراتي ورقمي يمكن في يوم من الأيام تحب تكتب عنها وتنشرها، شكرًا.

 

مهتمتش حتى أقرأ أول صفحة، رجعت لأوضتي ونمت تاني.

صحيت حوالي 10 بليل وتقريبًا ده الوقت اللي ببتدي يومي بيه، بفتح التلفزيون أشوف الأخبار مع كوباية القهوة بتاعتي، بس لفت انتباهي حاجة.

“مصرع سيدة ظهر اليوم ووجدوا جثتها قرب النهر”.

طبعًا حاجة خطيرة ومكنتش مهتم أعرف عشان الحوادث دي بتتكرر كتير، لكن لما شوفت صورة الست اللي ماتت على التلفزيون بدأ الموضوع يلفت انتباهي.. دي رنا، رنا اللي جاتلي الصبح وكانت عايزاني أكتب قصة حياتها!

 

– كان نفسي يذيعوا سبب قتلها كمان.

– ماريا؟ مستني تظهريلي زي زمان كل يوم.

ماريا بالمناسبة مراتي.

– قتل تاني يا يحيى؟

– قتل تاني؟ بس أنا عمري ما قتلت حد!

– مش أنت اللي قتلت أخوك التوأم اللي قتل…

 

وبعدها ماريا اختفت تاني بس مكنتش عارف قصدها إيه، أنا وحيد معنديش أخوات!

تجاهلت الموضوع وبدأت أرجع بذاكرتي لموت ماريا مراتي وكارما بنتي، كان يوم عصيب، معرفش إزاي حصل حتى كتبت كتاب عن القصة “قبضة روحي” من ساعتها وأنا حاسس إني عايش من غير روح، أنا كنت معاهم في نفس البيت، ليه هما اتحرقوا وماتوا وأنا عشت، من ساعتها زي ما ذكرت مبكتبش غير كتب كئيبة معظمها عن القتل والموت وبيبقى الظالم فيها دايمًا بيعيش، دايمًا بيقولوا عليا مجنون وسكيزوفرنيا، بس أنا طبيعي إلى حد ما، يمكن الحالة النفسية اللي دخلت فيها خلتني كدة.

 

جرس الباب بيرن وشيء غير متوقع عشان محدش بيجيلي!

– أستاذ يحيى، أنا عارفة أنت أكيد مخضوض إزاي رنا لسه عايشة، بس أنا عملت الفيلم ده كله عشان أتفرغ لكتابة قصة حياتي وكنت حاسة إن حضرتك أكيد غيرت رأيك في الموضوع و….

– حضرتك مين؟

– أنا رنا اللي مذكراتي سيبتها على ترابيزة حضرتك امبارح!

-بس أنا محدش جالي امبارح، بس اتفضلي ادخلي طبعًا.

– أنا مقدرة رهبتك وخضتك تعمل أكتر من كدة، بس أنا عايشة فعلًا ودي مش روحي.

 

مكنتش فاهم هي بتتكلم عن إيه أو أتخض من إيه أصلًا!

– أنا موافق على موضوع كتابة قصتك بس أبدأ في قراءة المذكرات الأول.

– ياريت حضرتك تقرأ جزء كبير منها عشان هرجعلك على زي النهاردة.

كنت حقيقي مش عارف إزاي جت المذكرات دي هنا وامتى فتحتلها بس ممكن أكون كنت شارب جامد.

•••

مذكرات رنا

21 أغسطس 1999

“يوم موت أعز صديقاتي.. ماريا علي النشواتي”

ماريا مراتي؟ بس ماريا مكنش ليها صديقة اسمها رنا!

كملت قراءة بعد خمس دقايق من تأمل إزاي ده، ومن إعادة قراءة أول سطر أكتر من عشرين مرة..

مذكرات رنا:

“كان يوم حزين عليا وعلى كل اللي حوليها، ماريا كانت بتشتغل في المخابرات، معايا يعني دايمًا معرضين للخطر، معرضين إن إحنا نموت بس عمري ما تخيلت إن الموضوع ده ممكن يحصل وبسرعة كده، ماتت هي وبنتها، ومن اللحظة دي بدأت أدور على حقيقة قتلها، ومين اللي كان ورا القصة دي حتى لو هضيع عمري كله”

مكنتش قادر أفهم حقيقة موت ماريا؟ ماريا ماتت في حادثة لما كانت راجعة مع بنتي من المدرسة!

مكملتش قراءة عشان فيه حاجة ناقصة مش قادر أفهمها!

 

Flash back

” يوم موت ماريا”

ماريا: صباح الخير يا يحيى.

•••

يحيى كان متغير بقاله كتير، بيسهر برة كتير، دايمًا في مكتبه مشغول في نشر كتابه الجديد ومكنش مديني أي اهتمام ولا لبنته.

 

25 أغسطس 1999 من مذكرات رنا:

 

“كنت مستغربة إن بعد يوم بالضبط من موتها جوزها يحيى أصدر كتابه الأول “موت حبيب”، ونهايته كانت شبه حادث موت ماريا اللي لقوا جثتها في النهر، وإن تحريات الشرطة أثبتت إن ده حادث انتحار، مع إن أنا الوحيدة اللي كنت متأكدة إنها جريمة قتل!

•••

بس ده كان مجرد صدفة، هو آه موت ماريا مشابه لموت البنت في القصة بس عمري ما تخيلت إن ممكن حد يتخيل إني أقتلتها هي وبنتي!

وبعدها خبط الباب وقولت أكيد دي رنا، بس لسوء حظي دا كان ضابط شرطة عايز يبحث أكتر عن سر موت ماريا وبنتي لأن مؤخرًا ناس ليهم علاقة ببعض ماتوا.

 

الضابط: آسف إني جيت على غفلة بس كان عندي بعض التساؤلات، شاكك إن في حد ممكن يكون قتل ماريا وبنتك كارما؟

– أعتقد إن الموضوع عدى عليه أكتر من سنة، والتحريات قالت إن ماريا ماتت منتحرة وكارما خبطتها عربية.

– ده اللي كانت فعلًا التحريات قايلاه بس إحنا اكتشفنا تزوير في الموضوع من الطب الشرعي نفسه ولما اعترف قال إن ماريا كان سبب موتها إن حد خنقها ولكن تحت ضغط من حد وتهديده ليهم كتب كدة في التقرير، ولكن بنتك كارما كانت فعلًا حادثة عربية، بس مش غريبة نفس اليوم؟

– معتقدش إن ماريا كان ليها عداوة مع حد، ولا حتى أكيد كارما اللي مكملتش 17 سنة!

– ولا حتى شاكك في إن الشخص ده ما بينه وبينك عداوة؟ آه جدير بالذكر ماريا كانت جاسوسة في المخابرات.

– أنا مؤخرًا عرفت موضوع المخابرات ده من صاحبتها ومقدرش أفيد حضرتك بمعلومات أكتر من كدة.

– هنرجع لحضرتك لما يكون عندنا تساؤلات ليك تانية.

•••

قتل ماريا اللي متزامن مع ظهور رنا فجأة خلى عندي تساؤلات وفضول أكبر من إني أكمل مذكرات رنا

•••

21 يونيو 2000 من مذكرات رنا:

 

“قتل ماريا عدى شهر بالضبط عليه والغريب في الموضوع إن مش بس ماريا اللي ماتت، اللي كنت متأكدة إنها اتقتلت هي وبنتها كارما بس دا بعدها مات عمها وواحدة من أعز صديقاتها اللي كانت معانا في ثانوي، وكمان صديق ليها اللي كان معانا في الشلة بردو وكله التحريات طلعت إنها حوادث انتحار، بس أنا فضلت شاكة في يحيى وكنت مستنية أثبت بأدلة إن موتهم هما الأربعة مشابه لنهاية قصص يحيى إلا موت كارما بنته.. يحيى مريض سكيزوفرنيا وده اللي ماريا كانت دايمًا بتقولهولنا وده اللي كان مأكدلي أكتر إن هو القاتل”.

•••

قفلت المذكرات ومكنتش عايز أقرأ أكتر من كدة، موضوع قصصي أكيد بيجي صدفة، موت عمها كان منتحر، وقتل ماريا المفاجئ، كلها حوادث مش قادر أجمع تفسيرها غير إني استنى رنا أو أروح أدور عليها.

•••

بعد مرور أسبوع على إني أدور على رنا في كل مكان ممكن تبقى موجودة فيه ملقتهاش ولا لقيت أي أثر ليها، مذكرات رنا ممكن توديني في داهية بسبب الأدلة الكاذبة اللي عليا ومحدش هيصدقني لأنهم مشخصني بمرض “الانفصام”.

اديت نفسي فرصة تانية إني أكمل المذكرات، مكنش باقي صفحات كتير وده اللي محيرني عدد الصفحات قليل، أتمنى في الآخر تكون لقت المجرم الحقيقي.

 

20 يوليو 2000 من مذكرات رنا:

 

“أكتب هذه الورقة اليوم احتفالًا بوجودي.. القاتل الحقيقي، وإني قد أنجزت مهمة كنت أتهيأ إني لن أستطيع إنجازها”.

متأكدة إني قريب أوي هسلمها للشرطة والكل هيفك شفرة قتل حبيبتي وصديقة عمري ماريا…

•••

20 يوليو ده قبل الذكرى السنوية لموت كارما وماريا ب11 يوم، واللي على ما أتذكر الليلة اللي جات رنا تديني المذكرات فيها وأنا سكران من الحفلة.. الحل الوحيد اللي يخليني أعرف أحل اللغز ده إني أدور في حاجات ماريا على أي دليل.

ملقتش غير صورهم وهم صغيرين، الغريب إني لقيت على ضهر الصور مكتوب “ماريا ورنا علي النشواتي” وصور مامت ماريا  وصور ليهم في ثانوي، كل ده أدى إلى إني أوصل في الآخر إن ماريا ورنا أخوات، بس ماريا عمرها ما حكتلي عنها!

 

رجعت بسرعة عشان أرجع للمذكرات وأقرأ آخر صفحة..

كانت كل الصفحات اللي بعدها نفس الصور اللي لقيتها في حاجات ماريا وعليها التواريخ والأوقات.

•••

19 أغسطس 2000 من مذكرات رنا:

 

عزيزي يحيى، أنت بكدة قدرت توصل لآخر القصة، أنا اللي قتلت ماريا وكارما، وموضوع المخابرات وضابط الشرطة كان كله خدعة أعطلك بيها من إنك تعرف الحقيقة وعشان ألحق أهرب بس أنت طلعت أغبى من إني كنت أتصور واتعطلت فعلًا، طبعًا ماريا محكتلكش عني، كنت في مصحة، إزاي تفتخر إن عندها أخت في مصحة بتتعالج من الإدمان، بس عايزاك تعرف في الآخر إن هي السبب في موتها هي وبنتها وموتك.. ولو أنت بتقرأ الصفحة دي بعد أسبوعين من تسليمك المذكرات، فجرس بابك هيرن بعد خمس دقايق، وقت كافي إنك تتصل بالبوليس صح؟

 

صحيفة يوم 16 سبتمبر 2000:

 

العثور على جثة الكاتب المشهور “يحيى الزهري” ببيته منتحرًا بعد إيجاد ورقة بها دليل على أنه القاتل في جريمة زوجته وابنته التي تم العثور على جثثهم يوم 21 أغسطس العام الماضي وتم تشخيص موت زوجته منتحرة وابنته في حادث سيارة لعدم وجود الأدلة الكافية.

زر الذهاب إلى الأعلى