سينما

ما يحدث في الكواليس .. بقلم عبدالرحمن جاويش

ما يحدث في الكواليس
ما يحدث في الكواليس

ما يحدث في الكواليس ، المسرح ككلمة مرتبطة في الوعي الجمعي للمصريين بذلك الفن الذي عاصرناه في بداية ظهور التلفزيون مع فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي وعادل إمام وغيرهم، كذلك ترتبط كلمة “مسرحية” بالعيد وما يفرضه على من مكوث في البيت ومتابعة مسرحيات بعينها.. أو يوحي للأجيال الصغيرة بما رأوه مؤخرًا من المسرحيات التلفزيونية الأقرب لسهرات كوميدية خفيفة.. وكلهم على صواب، لكنه صواب مخل بالحقائق التاريخية..

 ما يحدث في الكواليس ومتى بدأ المسرح وكيف تطور؟

  • طقوس دينية

 لا يعرف التاريخ متى كتبت أول مسرحية تحديدًا، وإن كان التاريخ يرجح أنها كتبت قبل أربعة آلاف عامٍ من الميلاد، ولكن ما ثبت من آثار بلاد اليونان أن المسرح قد بدأ هناك في القرن الخامس قبل الميلاد.. حيث شهدت آثينا ظهور آباء المسرح المعلنين وهم: “أسخيلوس ” و”سوفوكليس” و”يوربيدس ” و”أريستوفنس “.

 يرجح المؤرخون أن مسرحية “أوديب ملكًا” التي أعدها الفيلسوف الأشهر “أرسطو” هي أكثر المسرحيات اكتمالًا وتحقيقًا لقواعد المسرح، ويقال أن الإغريق استلهموا فكرة المسرح من الفراعنة، والذين كانوا يعتمدون على التمثيل المسرحي في طقوسهم الدينية، كإعادة تجسيد قصة “إيزيس وأوزوريس” الشهيرة.. مع بعض الموسيقى البسيطة لتعليم الأطفال التاريخ الفرعوني.. وهو ما ثبت في بداية القرن العشرين من خلال برديات تحتوي نصوصًا مسرحية لتصوير هذه المأساة.

  • خيال الظل

 ومما وصلنا عن العصر العباسي وجود فنًا أقرب للمسرح عرف باسم “خيال الظل” والذي اعتمد على السخرية من الأوضاع السياسية.. وقد أدخل الخلفاء الموسيقى والرقص من الحضارات المجاورة لقصورهم، وكانت العروض المسرحية حكرًا على الملوك والأمراء، وما يصل العامة منها كان ضعيفًا مهلهلًا.. حتى فرض الفن الشعبي نفسه من خلال “الأراجوز”.

ويؤرخ الرحالة والمغامرون تفرُّد زيارتهم لمصر بفكرة الأراجوز الذي يجوب الشوارع في القاهرة.. وقد نال إعجابًا ونجاحًا فاق الرقص في القصور.

  • ما يحدث في الكواليس من الترجمات

 أما عن بدايات المسرح في شكله المعاصر فقد بدأت في منتصف القرن التاسع عشر على يد تاجر لبناني محب وداعم للمسرح هو الفنان “مارون النقاش”، وهذا اللبناني صاحب اسم رنان لا يخفى على كل من يجوب هذا المجال بحثًا ودراةٍ، فهو أول من ترجم بعض الأعمال المسرحية من الغرب وأعاد إنتاجها على مسارح عربية لأول مرة في تاريخ الوطن العربي المعاصر.. وأعاد إنتاج مسرحيات مثل “البخيل” للمؤلف الفرنسي موليير.. ومن بعده ظهر اسمين مهمين؛ هما سليم النقاش ويعقوب صنوع.

و”صنوع” يعود له الفضل في تأسيس أول مسرح عربي في مصر سنة 1870، ونجح في عرض ثلاثة عروض مسرحية كوميدية أمام الخديوي إسماعيل وحاشيته، فكرمه الخديوي وساعده في تأسيس مسرح قومي حتى اتج صنوع بعرض مسرحية “الوطن والحرية” والتي هاجم فيها الخديوي إسماعيل بضراوة لتقصيره في حق البسطاء من أهل مصر، وسخر من فساده هو وحاشيته.. نفاه الخديوي لفرنسا حتى مات هناك، وأمر بإغلاق مسرحه.

  • المسرح الغنائي

أما الفضل الحقيقي لانتشار المسرح بين الناس بمفهومه الحالي فيعود للفنان “جورج أبيض” والذي أسس قواعد المسرح الغنائي في مصر، من خلال الأوبريتات التي كان يقدمها، واعتمد فيها على عمالقة الغناء مثل “سيد درويش”، وكان المسرح يجمع بين الدراما والاستعراض، وازدهر بظهور الفنان يوسف بيك وهبي.

  • الفرق الكوميدية

 وبالتوازي مع وجود المسارح الغنائية، ظهرت المسارح الكوميدية وفرق التمثيل المسرحي التي رسخت نوعًا فريدًا من المسرح في أذهان الجمهور المصري من بداية القرن العشرين وحتى لحظة كتابة هذه المقالات..

أهم رائدين للتمثيل الكوميدي في مصر هما “الريحاني” و”الكسار” وقد نجحا في تقديم العروض الأصلية المبتكرة.

 ظلت الفرق الخاصة هي المحرك الرئيسي للفن المسرحي في مصر، حتى قامت الدولة بتأسيس الفرقة القومية للمسرح، ووفرت كامل رعايتها لهذا الفن.. حتى جاءت فترة الستينات بما فعلته من وضع اللمسات الأخيرة على هذه الحكاية الملحمية عن المسرح ف مصر، وقد برز المسرح في هذا الوقت وتنوعت فنونه، كان هو الفن الأول والأنجح في مصر متفوقًا على السينما في بعض الأوقات.

 حتى جاءت فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، والتي أعادت مفهوم المسرح الكوميدي ومسرحيات (الصيف) لأذهان الجمهور، وتحول المسرح مرة أخرى لوسيلة ترفيهية تقدم أفكارًا بسيطة ودراما أقل، ليضيق الناس بالمسرح في بداية الألفينات مع ظهور الفضائيات ومن بعدها ظهور الإنترنت.

لتظر محاولات ليست بأفضل محاولات لإحياء المسرح في صورة “تياترو مصر” وما لاحقه من عروض مشابهة.. وعروض “كايرو شو” التي جذبت مشاهير السينما والتلفزيون لعمل عروض مسرحية.. لكن حتى هذه اللحظة لا يمكن الجزم بنجاح هذه التجارب، ولا يمكن الحكم عليها بشكل كامل، إلا أنها لم تحدث الأثر الذي أحدثته مثيلاتها في التاريخ وسط عامة الناس.

اقرأ أيضاً

الحقيقة خلف فيلم كابوس شارع إلم

فيلم “الشيء” وما يمثله من الوحشية النقية

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى