أساطير

أسطورة إسون بوشي.. الجزء الأول

أسطورة إسون بوشي.. الجزء الأول
في إحدى قرى اليابان كان يعيش زوجان فقيران، كانا رغم فقرهما لا يتأخران عن مساعدة أي أحد، حيوانًا كان أو إنسان. كانا يزرعان قطعة أرض صغيرة ولديهما بقرتين وعنزتين وحمار. كانا راضيين عن حياتهما تمامًا ولم يشعرا أن شيئًا ينقصهما أبدًا. كانا يحبان بعضهما ولم يتغير حبهما طول البقاء سويًا ولا تقدمهما في العمر.

لكن في ذات يوم وجد الرجل (وكان اسمه يو) زوجته (وكان اسمها شيان) جالسة تحت شجرة البلوط العملاقة أمام كوخهما الخشبي واضعة يدها على خدها وتبكي. فهرع إليها وجلس جانبها ووضع يده على كتفها وقال: مالك يا حبيبتي ماذا يبكيكي؟

قالت: لقد تقدم بي العمر ولا زلت لم أحظى بابن.. أريد أن يكون لي ابن يا يو، أريد أن أشعر شعور الأمومة.

قال لها: وأنا أيضًا أريد أن أكون أبًا، لكن ماذا نفعل يا حبيبتي يبدو أن الإله قدر علينا ألا نرزق بأولاد.. لقد جربنا كل الأعشاب وذهبنا لكل الأطباء في البلدة.

قالت: يجب أن نقدم قربانًا للإله. نذهب للمعبد ونذبح إحدى العنزتين نوزعها على المحتاجين وندعو الإله أن يرزقنا بطفل.

قال: إن كان هذا سيسعدك فهيا نسافر غدًا.

وبالفعل سافر الزوجان إلى المعبد وذبحا إحدى عنزتيهما عنده وطبخوها وأطعموا بها الفقراء، ثم دخلا إلى المعبد وبدأوا في الدعاء حتى غابت الشمس وتعبا من كثرة الدعاء فرقدا يستريحا فغلبهما النعاس. وفي نومهما رأى كلاهما نفس الحلم. شيخًا عجوزًا ذو لحية بيضاء كبيرة تلامس صدره، ووجه يشع نورًا.. قال لهما الرجل: أنتما لن ترزقان بولد أبدًا، فليس مقدورًا لكما أن ترزقان بولد، لكن لأنكما طيبين فهناك طفل يتيم يمكنكما أن تكفلانه، يكن لكما عوضًا وعونًا وفرحة.

ردت شيان: أين هو، موافقة أن آخذه وأعتني به كأمه.

قال الرجل: هو في كوخ أمام شجرة التين العجوز العملاقة، عند مصب النهر العظيم.. ماتت أمه منذ قليل بالحمى، وقد دعت الإله قبل أن تموت أن يعتني بابنها.. فخذاه واعتنيا به، ولكما من الإله بركة وفرحة وعونًا.

استيقظ الزوجان، وسأل كل منهما الآخر إن كان رأى نفس الرؤيا ثم قاما إلى حيث دلهم الشيخ، فوجدا طفلًا صغير الحجم جدًا طوله لا يتجاوز عشرون سنتي مترًا يبدو أنه كان قزمًا، يجلس عند قدم أمه يبكيها بعد أن ماتت.

تقدمت شيان نحو الطفل واحتضنته بحنان، فاستلم الطفل لحضنها وغاص في نوم عميق، وكان تصيبه تشنجات من كثرة البكاء.

أخذ الرجل جسمان السيدة الميتة وحفر لها قبرًا ووضعها فيه وغطى جسمها بورق نضر من شجرة التين ووردًا من شجرة ياسمين كانت قرب الكوخ. ثم دفنها ووضع على قبرها حجرًا كبيرًا حفر عليه كلمة.. “تحت هذه الصخرة قبر أم ماتت وهي تعتني بابنها حتى آخر أنفاسها”. ثم غادر مع زوجته والطفل وعادا إلى بلدها.

قالت شيان لزوجها وهما في الطريق، نحن لم نعرف اسم الطفل ماذا نسميه؟ حك رأسه قليلًا ثم قال: لا أعرف ليس لي خبرة في إطلاق الأسماء.

قالت: سأسميه إسون بوشي، أي صغير الحجم.

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى