حدث بالفعل

لغز جريمة في الجنة

لغز جريمة في الجنة

لو قُلتلك تخيَّل معايا دولة جامايكا، إيه أول حاجة هتيجي في دماغَك؟ طبعًا هتتخيَّل شواطئ رملية، محيطات زرقاء، ونخل طويل بيتمايل مع الرياح، تخيَّل بقى كمان إن حتى الجنة الاستوائية دي ليها تاريخ مُظلِم، وألغاز مُخيفة!
قُولوا هاي للويس هاتشينسون.. دكتور جامايكا المجنون، وأول قاتل مُتسلسل معروف على تاريخ الجزيرة.

هاتشينسون أصلًا من إسكتلندا، ووَصَل لسانت آن بجامايكا سنة 1760 تقريبًا، لمَّا وَصَل تملَّك قلعة حجرية مكوَّنَة من دورين في الشاطئ الشمالي، سمّى القلعة دي قلعة إدنبرة كنوع من أنواع تخليد موطنه الأصلي.
بس الدكتور المشهور بأعماله التُجارية، تحوَّل بسُرعة جدًا للجريمة بعد وصوله للعالم الجديد، وبدأ جيرانه يتهموه بسرقة الماشية بتاعتهم بعد وصوله بوقت قُليِّل، لكن على ما يبدو إن دا مكانش كفاية بالنسبة لهاتشينسون، لأنه بدأ يدوَّر على حاجات أكثر شرًا، زي صيد البشر مثلًا!
لغز جريمة في الجنة

قلعة هاتشينسون كانت واحدة من القلاع القُليِّلة أوي اللي فيها سُكَّان في خليج سانت آن بالكامِل، عشان كدا كُل المُسافرين تقريبًا اللي بيعدُّوا من المنطقة دي كانوا بيخبَّطوا على بابه عشان يرتاحوا شوية، أو يطلبوا شوية أكل أو مية، وساعتها.. كانوا بيختفوا بطُرق غامضة.

صحيح إن السجلات التاريخية معندهاش وصف دقيق للي حَصَل في الفترة دي، لكن من الشائِع إن هاتشينسون كان بيراقِب المُسافرين من شِبّاك قلعته وبينتظِر الأشخاص المسافرين لوحدهم، ساعات كان بيضربهم بالنار من الشِبّاك وخلاص، وفي أحيان أخرى.. كان بيسمَح لهم بدخول القلعة وبيخليهم يرتاحوا شوية قبل ما يدبحهم بمُنتهى الوحشية.

بالنسبة لهاتشينسون القتل كان شيء مُمتِع، ضحاياه مكانوش ضمن صفات مُعيّنة، مكانوش بيتشاركوا جنس، لون، ديانة، أو حتى مظهر خارجي، الحاجة الوحيدة المُشتركة بينهم إن حظهم وحش ووقفوا أدام الباب الخطأ.

لغز جريمة في الجنة

بمرور الوقت.. هاتشينسون أصبح مهووس أكتر بجرايمه، كان بيسلي ضيوفه بوسائل مُختلِفة، كان بيأكلهم أفضل أكل مُتاح قبل ما يقتلهم في بيته، كان بيعلِّم العبيد اللي عنده في القلعة إزاي يتخلَّصوا من ضحاياه، كانوا بيقطَّعوا الجُثث لقطع صغيرة ويرموها في حفر على الشاطئ وساعات بيدفنوها جوا جذع شجرة، وأحيانًا بيأكلوا الحيوانات البقايا دي، بس قبل كُل دا.. كان لازم هاتشينسون يشرَب دماء ضحيته بالكامِل.

لغز جريمة في الجنة

السُكَّان المحليين بدأوا يشكوا إن فيه حاجة غريبة بتحصَل في قلعة إدنبرة، المُسافرين بدأوا يتجنَّبوا القلعة وأحيانًا المنطقة دي بالكامِل، وعلى الرغم من عدم وجود دليل مادي واحِد على حدوث شيء خاطئ في المنطقة دي، إلا إن الشُرطة أصدرت مُذكرة قبض على الدكتور المجنون، لكن كان فيه مٌشكلة.. رجال الشُرطة خايفين يروحوا يقبضوا عليه.

لكن من وسط الخوف دا كُله ظهر جندي شُجاع، رجل شرطة إنجليزي اسمه جون كاليندر تطوَّع للقبض على هاتشينسون، وبمُجرَّد وصوله لباب القلعة وقبل حتى ما يخبَّط على الباب، الدكتور المجنون ضربه بالنار ومات فورًا.
ساعتها أدرك هاتشينسون شيء مُهِم.. الشُرطة وراه، وقرَّر يهرَب، اتجه جنوبًا ناحية الميناء القديم، هناك ركب سفينة وأبحر بيها بلا هدف في المياه، اللي مكانش يعرفه إن الشُرطة مراقباه وراصدة كُل تحركاته، وبسُرعة جدًا اعترضوا طريق السفينة.
هاتشينسون كان مرعوب، نط من السفينة فورًا وحاول يهرب عن طريق العوم، لكن للأسف المحيط كان له رأي تاني، مقدرش يقاوم الأمواج.. وفي النهاية تم القبض عليه عن طريق زورق تجديف.

لغز جريمة في الجنة

٤٦٤٦ الشُرطة بعد القبض عليه قرَّروا تفتيش قلعته، وصحيح إن عدد ضحاياه غير معلوم لحَد النهاردة، لكنهم لقوا هناك أكتر من 43 ساعة يد مُختلفة، العبيد اللي عند هاتشينسون في القلعة اعترفوا بكُل الفظائع والأفعال الوحشية اللي هو ارتكبها، لكن في الوقت دا كانت شهادة العبيد لا تُقبَل في المحاكِم، واتحاكِم هاتشينسون على جريمة القتل الوحيدة اللي مُتأكِّدين منها، جريمة قتل الجندي جون كاليندر.

وفعلًا أرسلوه للإعدام سنة 1773، أمنيته الأخيرة كانت إنهم يكتبوا على قبره: “بتحدى حُكمهم، كبريائهم، وحقدهم عليّا، بعارض قوتهم.. وبموت زي الرومان”
طبعًا السُلطات رفضت طلبه تمامًا.
سابلنا هاتشينسون شوية أسئلة إجابتها غير معروفة لحَد النهاردة، ليه كان بيعمِل كدا؟ إيه الهدف من ورا الجرائم الشيطانية دي؟ ليه كان بيشرب دماء ضحاياه؟ وكم عدد ضحاياه الحقيقي؟

محمد عصمت

ولد الكاتب محمد عصمت عام 1988م في محافظة دمياط بمصر ، تخرج من كلية التجارة، اشتهر بكتاباته روايات الرعب و أعماله القصصية المترجمة ،و كانت أولى رواياته بعنوان “الممسوس” عام 2014م ، و هي رواية رعب فريدة من نوعها ، وصدر له روايات أخرى مثل (باب اللعنات، الجانب المظلم، ذاتوى) ، ويصدر له على موقع شخابيط سلسة مقالات حقل ألغاز

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى