تاريخ

حدث في رمضان.. افتتاح الجامع الأزهر

حدث في رمضان.. إفتتاح الجامع الأزهر

إنشاء الجامع الأزهر

بعد سيطرة الفاطمين على مصر وتولي المعز لدين الله الفاطمي الحكم.. قام وزيره جوهر الصقلي ببناء القاهرة كعاصمة لدولتهم.

ولأن مذهب المصريين سنيًّا، لذا كان لابد للفاطمين من نشر مذهبهم الشيعي ولا يحدث هذا إلا من خلال جامع.

وكان الجامع الأزهر هو أول جامع ينشئ في قاهرة المعز وأنشأ ليكون جامعًا وجامعة وافتتح في يوم الجمعة 7 رمضان سنة 361 هجرية.

قيل أن الأزهر سمي بهذا الاسم للون حجارته، لكن أصح الآراء أنه سمي نسبة للسيدة فاطمة الزهراء.

دور الجامع الأزهر في عهد الفاطميين

اهتم الفاطميين بالأزهر أشد اهتمام فوضعوا له ميزانية مالية كبرى وشجعوا علماء الشيعة من كل أنحاء العالم للتدريس فيه.

فدرس فيه الفقه والحديث والسيرة والفلسفة وانتشر من تحت قبته علماء الشيعة ينشرون مذهبهم في جميع الأرجاء.

الأزهر قديمًا

إغلاق صلاح الدين للأزهر:

لما دخل صلاح الدين مصر كان لابد له من قطع كل ذيل للمذهب الشيعي فيها، فكان لزامًا عليه أن يغلق جامعهم الأهم فأغلق الأزهر.

ثم شدد الخناق على علماء الشيعة ومشايخهم حتى تركوا البلاد وعمل بكل جهد حتى يعيد مصر للمذهب السني ويزيل خرافات الشيعة، وأباطيلهم.

منعت الصلاة من الأزهر في عهد الأيوبين وأوقفت كافة نشاطاته التدريسية ولم يهتم أي من الولاة بصيانته وترميمه.

إعادة افتتاح الجامع الأزهر في عهد المماليك:

بأمر من السلطان بيبرس أعيد افتتاح الجامع الأزهر كجامع وجامعة، فقد رأى بيبرس أن الأزهر قادر أن يخدم المذهب السني كما خدم المذهب الشيعي قبل ذلك.

فاهتم به أشد اهتمام وأعاد التدريس فيه، فدرس الفقه على المذاهب الأربعة وعاد الأزهر يعج بالطلاب من جميع أنحاء العالم.

وأصبح الأزهر في وقت قصير أهم جامعة لتدريس الإسلام على مستوى العالم أجمع، وهو يعد أقدم جامعة قائمة.

رسمة لحلقات التدريس في الجامع الأزهر
رسمة لحلقات التدريس في الجامع الأزهر

الأزهر في عهد العثمانين:

رغم دور الأزهر في مقاومة العثمانيين إلا أن الولاة العثمانيين أظهروا احترامًا بالغًا للأزهر وللعلماء، فأجزلوا لهم العطايا وشجعوهم على التدريس لعموم المسلمين.

تحول الأزهر لأهم تجمع لعلماء الدين حول العالم وصار مقصدًا لكل من يريد أن يتعلم.. وأحيط من كل جانب ببيوت الطلاب.

موقف الأزهر ضد الغزو الفرنسي

وقف الأزهر بكل عز ضد الغزو الفرنسي وقاد علماءه الثورات ضد الغزاة، حتى أنتهك جنود الفرنسين حرمة الجامع ودخلوه بالخيول.

أثار هذا الأمر حفيظة المصريين الذين نظروا للأزهر بإجلال وتوقير فزادت وتيرة الثورات، وزاد علماء الأزهر من مقاومتهم لهذا العدو.

انتهى الاحتلال الفرنسي بقتل كليبر على يد الطالب الأزهري سليمان الحلبي.. الذي استشهد لكنه أخرج الفرنسيين من القاهرة.

قتل كليبر على يد الطالب الأزهري سليمان الحلبي
قتل كليبر على يد الطالب الأزهري سليمان الحلبي

مكانة الأزهر الحالية

لم تنقص مكانة الأزهر في العالم حتى الآن فهو يتربع بدون منافس كأهم جامعة إسلامية في العالم.. وشيخه هو الإمام الأكبر.

يأتي الأزهر طلاب من جميع أنحاء العالم يتكفل الأزهر بتعليمهم وسكنهم ومعيشتهم.. ويعتبر الأزهر أهم جامع في مصر.

ويعتبره البعض الجامع الرابع من حيث الأهمية في العالم بعد الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، لكونه قد حمى علوم الدين لألف عام وزيادة.

وقد كتب شوقي عن الأزهر فقال:

قُم في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا … وَاِنثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا
وَاِجعَل مَكانَ الدُرِّ إِن فَصَّلتَهُ … في مَدحِهِ خَرَزَ السَماءِ النَيِّرا
وَاِذكُرهُ بَعدَ المَسجِدَينِ مُعَظِّماً … لِمَساجِدِ اللَهِ الثَلاثَةِ مُكبِرا
وَاِخشَع مَلِيّاً وَاِقضِ حَقَّ أَئِمَّةٍ … طَلَعوا بِهِ زُهراً وَماجوا أَبحُرا
كانوا أَجَلَّ مِنَ المُلوكِ جَلالَةً… وَأَعَزَّ سُلطاناً وَأَفخَمَ مَظهَرا
زَمَنُ المَخاوِفِ كانَ فيهِ جَنابُهُم… حَرَمَ الأَمانِ وَكانَ ظِلُّهُمُ الذَرا
مِن كُلِّ بَحرٍ في الشَريعَةِ زاخِرٍ… وَيُريكَهُ الخُلُقُ العَظيمُ غَضَنفَرا
لا تَحذُ حَذوَ عِصابَةٍ مَفتونَةٍ … يَجِدونَ كُلَّ قَديمِ شَيءٍ مُنكَرا
وَلَوِ اِستَطاعوا في المَجامِعِ أَنكَروا… مَن ماتَ مِن آبائِهِم أَو عُمِّرا
مِن كُلِّ ماضٍ في القَديمِ وَهَدمِهِ… وَإِذا تَقَدَّمَ لِلبِنايَةِ قَصَّرا
وَأَتى الحَضارَةَ بِالصِناعَةِ رَثَّةً… وَالعِلمِ نَزراً وَالبَيانِ مُثَرثِرا

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى