مصاصة دماء برشلونة ، في غياب الفقر، تتملك البشر رغبة من أجل البقاء و الرقي، ولكن سرعان ما تتحول هذه الرغبة إلى هدف سام، تصبح كل الأفعال الشائنة و المرعبة أسفل منه مبررة تماما، وفي مشهد مرعب يتضمن صراع القوي و الضعيف، نري الضعيف سرعان ما يتحول إلي وحش.
لم يكن يعلم أحد عن إنريكيتا مارتي شيئا قبل أن تسل مدينة برشلونة في القرن التاسع عشر، ولكن ما نعلمه أنها وصلت المدينة في حالة فقر مدقع، وبرغبة شديدة و متوحشة للخروج من محيط الضعف لتصنع لنفسها مكانا بين علية القوم.
سرعان ما وجدت إنريكيتا لها عملا كخادمة في منازل الطبقة الأرستقراطية من سكان المدينة، ولكن دور الخادمة لم يستمر معاها طويلا، فإن كانت الفتاة تمتلك موهبة ما فهي قدرتها علي التعلم بسرعة.
الوقت الذي استغرقته في عملها كخادمة تنظف ملاءات علية القوم، وتظهر في حماماتهم، منحها الفرصة لمراقبة نمط حياة الأغنياء بدقة، وفي عام 1895 تزوجت من رسام يُدعي خوان بوجالو ولكن سرعان ما فشل الزواج، وعلي حسب كلمات زوجها، علاقات زوجته بالرجال، وترددها علي منازل ذات سمعة مشبوهة، وشخصيتها كانوا السبب الأساسي لفشل الزواج، ولكن استمر انفصالهم و عودتهم المتكررة لحوالي ست مرات.
إنريكيتا سرعان ما أدركت أن أسرع وسيلة لكسب المال هي الدعارة، فهي لا تمتلك شيئا غير جسدها والذي يمكن أن يغدق عليها بالمال، واستطاعت بعملها الجديد أن توفر قائمة طويلة من الزبائن، والذين سيساعدونها في عملها الجديد المستقبلي.
في عام 1909 سرعان ما حدث الأسبوع المأسوي في برشلونة حيث بدأ صراع الشعب بالسلطة، وخيمت أعمال الشغب علي المدينة مما أدى لانتشار الفوضى، ولكن ذلك لم يكن غير بداية المرحلة الجديدة من حياة إنريكيتا كمصاصة دماء برشلونة.
استطاعت استغلال زبائنها القدماء في توفير عدة مساكن لها أولا كغطاء لعملها الجديد، ثم بعد ذلك استغلتهم في بدأ عملية ضخمة لاختطاف الأطفال، كانت في البداية تقدمهم للرجال المرض مشتهي الأطفال جنسيا، لتصنع تنظيما مرعبا للدعارة بالأطفال، ولكن زبائنها لم يكونوا يمثلون الرضا الكافي لطمعها، فبدأت في صناعة مساحيق ومواد التجميل لزوجات هؤلاء الرجال البائسات، ولكن تلك المواد التجميلية لم تكن تصنع من أي شيء، غير دماء وعظام و لحوم الأطفال.
و من هنا بدأ الرعب مرحلته الجديدة، حيث بدأ الوحش المسمى إنريكيتا باختطاف العديد من أطفال الشوارع أو حتي الأطفال من منازلهم، لقتلهم واستخراج دمائهم وشحومهم ولحومهم، لتصنع منها مساحيق التجميل وكريمات الوجه، واستمرت هكذا لثلاثة أعوام كاملة تذبح الأطفال بشكل مستمر.
إلي أن جاء عام 1912 و استطاع أن يكشفها أحد جيرانها، ليسرع بعدها ويذهب للشرطة، وخلال اقتحام الشرطة لشقته اكتشفوا فتاتين صغيرتين، إحداهما قالت أنها رأت إنريكيتا بعينيها تذبح طفلا ذو خمسة أعوام يُدعي بابيتو علي طاولة المطبخ، ولم يكن ذلك فقط ما اكتشفه المحققون، فقد وجدوا كذلك حقائب ممتلئة بعظام وملابس وبقايا الأطفال، ليعلنوا عن الرقم الرسمي للأطفال التي قتلتهم و كان إثني عشر طفلا، ولكن يُعتقد أن مصاصة دماء برشلونة قد قتلت بالفعل أضعاف هذا الرقم.
سرعان ما تم القبض عليها، ودخلت السجن لتنتظر محاكمتها، لكن داخل السجن وحتي بين المجرمين والقتلة و السفاحين، هناك حدود للإجرام، وهكذا قرر زملائها من المساجين حرقها حية داخل السجن في عام 1913، ليرسلوا بعض الراحة لعائلات الضحايا.
ويتركونا في حالة ذهول، من الوحشية التي يمكن للإنسان أن يصل لها فقط ليتسلل من براثن الفقر.