طلاسمقصص الرعب

العبدة والطفل المفقود

بقلم الكاتب محمد جمال

العبدة والطفل المفقود
هل هناك حد للمعاناة؟.. البعض يقول بالموت تنتهي كل المعاناة، ولكن ما الذي نعلمه عن الموت حقا، وما أدرانا بما يحدث على جانبه الأخر، فربما يكون بوابة للراحة الأبدية كما يقال، وربما يكون مجرد باب خشبي مهترئ يقود إلى عذاب أبشع و أبقى.

في مدينة سافانا الأمريكية تحديدا في ولاية جورجيا، يقعد ميدان Wright، ولهذا الميدان مكان محفور في ذاكرة سكان المدينة منذ مئات السنين، حيث يمتد تاريخ هذا الميدان لعصر العبودية الأمريكي، وحدثت فوق أرضها إحدى أشهر حالات الإعدام في تاريخ المدينة و التي لا تزال تؤرقها حتي اليوم.

في بدايات المدينة، كان يسيطر عليها تجار العبيد والذين كانوا غالبا يقومون بشراء المهاجرين القادمين من أفريقيا و آسيا و أوروبا، ومن هنا تصل الفتاة ذات الخمسة عشر عاما أليس راي من إيرلندا إلى مدينة سافانا، وقد عزمت على الهرب من حياتها الماضية في وطنها حيث انتشرت المجاعة.

كانت الفتاة مدركة لكونها سُتباع كعبدة في المدينة لإنها لم تمتلك مال السفر، ولكنها توقعت أن حياة العبودية لن تكون سيئة كحياة المجاعة، وتخيلت أنها في النهاية ستعمل كخادمة أو عاملة في مزرعة ولكن على الأقل ستحصل على طعامها، ومكان للنوم.

لكن من اشترى أليس كان رجلا ساديا شريرا، كان تاجر عبيد قذر لدرجة أن سكان المدينة أنفسهم كانوا يحتقرونه، وكان بالفعل يمتلك بعض الأفكار القذرة في رأسه حينما رأي أليس و اشتراها، حيث سرعان ما أصبحت الفتاة ذات الخمسة عشر عاما جارية متعته الخاصة، ويقال أن في كل ليلة داخل منزله كان الخدم و العبيد يسمعون صرخاتها، ولم تكن تمتلك حقا في الرفض أو المقاومة.

لكن حينما تظلم حولك الحياة سرعان ما تعطيك خيطا من أمل، وهكذا تعرفت أليس على أحد الخدم لتبدأ بينهما قصة حب، ولكنها لم تستمر، حيث أنه في إحدى الليالي كان التاجر قد وصل لقمة قسوته وشره باعتدائه عليها، وحينها لم يستطع حبيبها أن يحتمل صراخها فاقتحم غرفة سيده وتشاركا في قتله.

لكن أهل سافانا رغم احتقارهم للتاجر إلا أنهم لم يكونوا متسامحين أبدا مع القتلة، لذا سرعان ما قبضوا علي الإثنين وقرروا إعدامهما، لكن حينها اكتشفوا أن أليس تحمل رضيعا في بطنها، لذا قرروا إعدام حبيبها شنقا وسجنها إلى أن تلد، وبمجرد أن وضعت طفلها قاموا بإعدامها في ميدان Wright أمام الجميع و حتى تكون عبرة للعبيد حتى لا يفكر أحدهم في قتل سيده.

لا يعلم أحد ما مصير الطفل منذ ذلك اليوم، ولكن يقال أن هناك عائلة ما قررت أن تأخذه كفرد منها، أما أليس فيقال أن منذ يوم إعدامها و حتي الآن لا تزال تُرى في الليل، تسير بلا هدي في الميدان بملابس العبودية القديمة، تحاول الحديث لأي شخص أو أي سائح لتسأل عما حدث لابنها المفقود.

لذا يحذر سكان سافانا السائحين من إحضار أطفالهم ليلا للميدان، فربما تظن الفتاة الميتة أن أحد هؤلاء الأطفال هو طفلها الضائع.

اقرأ أيضاً

زائر التاسعة

ليس خطأي

المصدر
savannahnow
زر الذهاب إلى الأعلى