تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
في ظل الأزمة الراهنة ازدادت قيمة مواقع التواصل الاجتماعي عن أي وقت مضى، فأصبحت وجهتنا الرئيسية للتواصل والترفيه. ولكن قد يكون الأمر سيان عند الكثير من الأشخاص، وهم أبطالنا حين نتحدث عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية.
لدي طلب صغير لك، جرب أن تُنحي وجهك عن هاتفك لعدة لحظات وتأمل الأشخاص الموجودين في الغرفة حولك، سواء كانوا أفراد عائلتك أم زملاء العمل، أيمكنك أن تعد كم منهم منغمس في هاتفه؟
باختلاف أوصافهم قد تتشابه حالتهم في حضورك، لن يكون من المبالغ فيه القول بأن مواقع التواصل الاجتماعي جعلتنا غرباء في منازلنا، وجعلت حضورنا ناقصًا ومشتتًا أينما كنا.
فقد خلقت لنا عوالمًا افتراضية داخل عوالمنا ووضعت لنا معايير غير واقعية للحياة المثالية، مُسقطةً الضوء على عيوبنا ونقاط ضعفنا، وهو ما يكون وقعه أكبر على صغار السن وضِعاف القوة النفسية والعقلية، ومن هنا يبدأ ويتشعب تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية.
تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
من المتوقع أنه بحلول عام 2021، سيكون هناك حوالي 3 مليار مستخدم نشط على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالنظر إلى الإحصائيات وحدها، يمكننا القول أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا وقد لا يمكننا تجنبه.
الانتشار السريع لوسائل التواصل الاجتماعي وسهولة وصولنا إليها، جعل التحكم في استخدامنا لها أمرًا صعبًا.
فقد صُممت مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة تجعلها مركز اهتمامك، لتظل متصلًا بالإنترنت ويزيد تصفحك لها بحثًا عن أخبار أو إشعارات جديدة، وبالتالي فإن استخدامها قد يتحول إلى رغبة مرضيّة أو بمعنى أخر (إدمان).
فعندما تتلقى إشعارًا بمشاركة أو إعجاب على إحدى منشوراتك، تُطلق مادة الدوبامين في الدماغ وهي نفس المادة الكيميائية التي يتم إطلاقها بعد تدخين سيجارة أو الفوز في لعبة قمار.
وكلما زادت مرات مكافأتك زاد الوقت الذي ترغب في قضائه على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إذا أضر ذلك بجوانب أخرى في حياتك.
وقد أُشير إلى إدمان التواصل الاجتماعي في مجموعة واسعة من التجارب والدراسات، ويُعتقد أنه يؤثر على حوالي 5 ٪ من الشباب، وقد وُصِف مؤخرًا بأنه أكثر إدمانًا من الكحول والسجائر.
ويُعد الإدمان سببًا رئيسيًا في تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية فهو يؤدي إلى الانعزال والانغماس في الواقع الافتراضي مما يؤثر على علاقتنا بمن حولنا واهتمامنا بأعمالنا وانفسنا.
مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على العلاقات الاجتماعية
من فطرة الإنسان أنه كائن اجتماعي يحتاج إلى أهل ورفقة، وتنعكس قوة علاقاته على صحته العقلية والنفسية، فالتواصل الاجتماعي يمنع الشعور بالوحدة ويقلل الخوف والقلق والاكتئاب، كما أن شعورنا بالحب والمشاركة يعزز الشعور بالثقة والكفاية.
ولأهمية التواصل الاجتماعي، أصبح جزءًا من استراتيجية علاج العديد من الأمراض المزمنة فيما يعرف بمجموعات العلاج (Therapy groups).
من أهم طرق تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية هي تمزيق التوازن الاجتماعي في حياة الأفراد، بتغيير طريقة التواصل إلى الأسلوب الافتراضي الذي جعل حضورنا في حياة بعضنا البعض ناقصًا وتواصلنا مزيف.
كما أن إدمان التواصل الاجتماعي يؤدي إلى الشعور بالعزلة والإحساس بالوحدة وعدم القدرة على فهم الآخرين مما يُعمق تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية.
وفي عام 1998، نُشِرت إحدى أولى الدراسات التي تشير إلى أن استخدام الإنترنت بشكل عام يؤثر على العلاقات الاجتماعية والمشاركة في المجتمع.
وجد الباحثون أن زيادة الوقت الذي يقضيه الشخص على الإنترنت مرتبط بانخفاض التواصل مع أفراد الأسرة، والحد من الدائرة الاجتماعية للشخص، مما قد يؤدي إلى زيادة الشعور بالاكتئاب والوحدة.
وتَبِع هذا العمل العديد من المنشورات الأخرى التي اقترحت أن استخدام الكمبيوتر قد يكون له آثار سلبية على التنمية الاجتماعية للأطفال.
وقد وجدت دراسة أُجريت في جامعة بنسلفانيا أن الاستخدام المتكرر للفيسبوك والسناب شات والانستجرام، يزيد من الشعور بالوحدة.
هل مواقع التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب ؟
قد يمكننا أن نستنتج إجابة هذا السؤال مما سبق شرحه، ولكن زيادةً على التسبب في ضعف العلاقات الاجتماعية وإدمان الشاشات، قد تؤدي مواقع التواصل الاجتماعي إلى الاكتئاب بطرق أخرى وهي:
- الشعور بعدم الرضا عن مظهرك أو حياتك:
أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ظهور معايير غير واقعية للحياة المثالية والطريقة التي يجب أن يبدو عليها الأفراد، فحتى إذا كنت تعلم أن الصور التي تعرضها وسائل التواصل الاجتماعي غير حقيقة أو مُعدلة، فلا يزال بإمكانها جعلك تشعر بعدم الأمان والرضى بشأن مظهرك أو ما يحدث في حياتك الخاصة، مما يُعد من أهم صور تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للأفراد وخاصةً النساء.
- التعرض للتنمر الرقمي:
يتعرض 10% من المراهقين للتنمر والتعليقات المُسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتشكل هذه المواقع أرضًا خصبة لنشر الشائعات والأكاذيب التي يمكن أن تترك أثرًا عاطفيًا دائمًا.
- الانغماس في الذات:
يمكن لمشاركة صور السيلفي والتفكير المتكرر في ما يجب أن تقدمه لمتابعيك لتنال رضاهم وإعجابهم، أن يخلق تركيزًا غير صحي على ذاتك.
مصادر
اقرأ أيضًا
نظرة أقرب إلى الكولاجين | فوائد الكولاجين للمفاصل والبشرة والعظام | أعراض نقص الكولاجين
الغرغرة بالماء الدافئ مع الملح والخل يمكنها أن تقضي على فيروس كورونا !