سينما

فيلم The Girl With All Gifts وسؤال من يستحق البقاء؟

فيلم The Girl With All Gifts وسؤال من يستحق البقاء؟
فيلم The Girl With All Gifts .. يقال أنه حين سرق بروميثيوس نار المعرفة، غضب زيوس وأشتعل رأسه حقدًا و مقتًا على بروميثيوس و أخيه إيبيمثيوس، ففي النهاية بروميثيوس يعشق البشر، مخلوقاته الضعيفة التي كانت بحاجة إلى النار، ولكن زيوس لم يكن ليسمح لكائن أن يعصي أمره، فعاقب بروميثيوس بتقييده إلى جبال القوقاز، ثم أرسل صقرًا ليأكل كبده، في كل يوم ينموا الكبد من جديد و يعود الصقر كذلك ليأكل الكبد مجددًا.

لكن العذاب لم يكن كافيًا أبدًا ليطفئ نار غضب زيوس، فقرر أن يعاقب البشر و أخ بروميثيوس إيبيميثويس، فقرر أن يصنع امرأة جميلة من الطين، كانت أجمل امرأة مخلوقة، وكانت تمتلك كل الهبات من الآلهة، ولكنه منحها الفضول ثم صندوقًا صغيرًا أخبرها ألا تفتحه أبدًا.

كانت المرأة تسمي باندورا، وقد وقع إيبيمثيوس في حبها، ولكن فضولها الأنثوي كان دائمًا شيطانًا يوسوس في عقلها فقررت أن تفتح الصندوق المحظور في النهاية، لتخرج منه الآلام و اللعنات و الأمراض والشر على الأرض بين البشر، وتطلق العنان للمعاناة التي ستلازم الإنسانية للأبد، ولكن رغم كل ما أطلقته باندورا كان هناك شيء أخير في الصندوق..وهو الأمل.

و على غرار المرأة التي امتلكت كل الهبات، كانت ميلاني بطلة فيلم The Girl With All Gifts، أحد أجمل أفلام الرعب من وجهة نظري المتواضعة، والذي أستطاع أن يناقش الصراع بين أجيال البشر من وجهة نظر تطورية وسط إطار من إعادة السرد لقصة باندورا و الصندوق، في عالم مرعب من عوالم الموتي الأحياء.

الفيلم قائم على رواية بنفس الاسم، كتبها M.R.Cary و أخرج الفيلم المخرج كولم مكارثي والذي ربما لم يقدم شيئًا ملحوظًا بعد لصناعة السينما، ولكن في عام 2016 قدم لنا تحفة رائعة باسم الفتاة التي امتلكت كل الهبات.

في قصة الفيلم، نجد الحضارة الإنسانية العظيمة قد سقطت على يد مرض فطري، يحتل مكانًا داخل الدماغ الإنساني، ليحول مضيفه إلي مجرد جثة جائعة بلا عقل، ولكن مع ذلك يحاول المتبقون من البشر النجاة، وحينما يكتشفون أطفالًا بين حشود الموتي الأحياء يمتلكون شبه مناعة ضد المرض، بل و يتعايشون معه في علاقة تكافلية، مع احتفاظهم بوظائفهم العقلية كبشر ووعيهم الكامل، يرى الناجون أن الأمل فيهم لصناعة علاج، فقط علينا أحتواء الأطفال، وإجراء التجارب، وقتلهم في النهاية حتي نضمن حياتنا.

في هذه المعضلة، يتجلى لنا الصراع الإنساني حول سلم التطور، فرغم كون وجود الجيل التاني كبشر طبيعيين يتعايشون مع المرض، ورغم حقيقة أن هذا وحده كاف لضمان نجاة العرق البشري، إلا أن الجيل الأول من البشر يرفض الإندثار، فكيف به وقد تطاول في البنيان وصنع هذه الحضارة التي انهارت على يد مرض دقيق أن يقبل بنهايته بهذه السهولة، لذا الجيل الأول مستعد تمامًا لارتكاب الفظائع كي يضمن النجاة.

ولكن على الجانب الأخر، الطفلة ميلاني، والتي كانت تمثل باندورا في سرد القصة، تحاول النجاة مع معلمتها و أخرين بعدما اخترق الموتي قاعدتهم، ولكن أثناء سعيهم للنجاة يكتشفون أن المرض الفطري قد تطور و أنه يستعد كي ينطلق في الهواء فيحصد كل البشر من الجيل الأول فقط يحتاج إلى من يفتح الصندوق، وهنا ترى ميلاني الشكل الحقيقي للعالم، حينما ترى الطبيبة العجوز كارولاين مستعدة لقتلها وقتل مئات الأطفال فقط للحفاظ على حياتهم، رغم كون الأطفال أحياءا كذلك.

وفي لحظة تعبر عن أنتصار الإنسانية، تتخلى ميلاني عن كل ما تعرفه، وتفتح الصندوق مطلقة شر المرض على كل العالم، فلا يبق سوى الجيل الثاني، لتكون هي قائدة الإنسانية في طريق العودة.

بلا الشك، الفيلم هو أحد أفلام الرعب المميزة، والتي استطاعت أن تقدم مناقشة فريدة من نوعها حول سؤال

“من يستحق البقاء لصالح البشر..الأضعف أم الأقوى؟”

مناقشة ناقشتها سابقًا بعض الأعمال الأخرى كX Men والتي سرعان ما إنهارت جوانبا تحت وطئة ضعف الكتابة، ولكن هنا في هذا الفيلم يمكنك أن تراها قُدمت لنا على طبق من ذهب، وسط حالة من الرعب و شد الأعصاب.

لذا هذا الفيلم…هو بالفعل تجربة لا تنسي.

اقرأ أيضًا

عزيزي المُنتج .. أبشر

عن رامي وصراع الهوية

 

زر الذهاب إلى الأعلى