الانفجارات النووية في الفضاء .. يوم تحول الليل لنهار
الانفجارات النووية في الفضاء .. في 1 أغسطس من عام 1958م قبل منتصف الليل ببضع دقائق، ظهر وميض شديد من الضوء الأبيض عبر سماء الليل يضيء جزيرة جونستون المرجانية الواقعة في وسط المحيط الهادئ، تحولت السماء السوداء للون الأزرق.
ما هي الانفجارات النووية في الفضاء وكيف حدثت ؟
كان مصدر الضوء اختبار نووي تم إجراءه في الغلاف الجوي وكان واحدة من اثنين تم إجراؤهما ضمن عملية “Hardtack” لدراسة تأثير جو الأرض على التفجير النووي، وللتحقق من التكتيكات الدفاعية ضد الصواريخ البالستية، حمل هذا الاختبار اسم “Teak” ويعد من أقوى الاختبارات بقوة 3.8 ميجا طن أي ما يعادل 250 قنبلة نووية.
سمح ارتفاع الانفجار العالي برؤية وميض الضوء من بعيد في جزيرة هاواي، على بعد 1500 كيلومتر، واتصل السكان المذهولين بالشرطة من أجل الإبلاغ عن الأضواء الغريبة بالسماء، وتحولت السماء من الظلام إلى اللون الأصفر ثم البرتقالي فالأحمر.
انتشر اللون الأحمر بطريقة دائرية حتى بدا أنه غمر جزء كبير من الأفق، وارتفعت سحابة وسط الدائرة كبيرة جدًا ومرئية بشكل واضح ظلت موجودة لمدة نصف ساعة تقريبًا.
تم قطع اتصالات الحركة الجوية العسكرية والمدنية لعدة ساعات، وتعطلت الكثير من شبكات الاتصالات عالية التردد عبر المحيط الهادئ التي استخدمت الأيونوسفير في الإرسال لمدة تصل لتسع ساعات تقريبًا، في ساموا الغربية على بعد 3200 كليو متر جنوبًا، وأسفر الانفجار عن عرضًا رائعًا للشفق القطبي.
قام علماء الفلك في مرصد Apia، بقياس قوة النبض الكهرومغناطيسي “EMP” ووجدوا أنها أقوى أربعة مرات من أي نبضات ناتجة عن العواصف الشمسية.
بعد أربع سنوات، أجرت الولايات المتحدة سلسلة من التجارب النووية على ارتفاعات عالية هذه المرة كان الغرض منها دراسة وقياس آثار التفجير النووي على المجال المغناطيسي للأرض، في الغالب أرادوا فهم التأثيرات التي تم ملاحظتها أثناء الاختبار وكذلك الشفق الغريب الذي ظهر على بعد آلاف الكيلومترات من الانفجار وطبيعة أحزمة إشعاع “Van Allen” الذي تم اكتشافه بعد ذلك.
عُرفت الاختبارات باسم عملية “Fishbowl” على ارتفاع أعلى بكثير في المنطقة التي تدور فيها الأقمار الصناعية، ولكن انتهت المحاولتان بالفشل وتم تدمير الصواريخ، أما المحاولة الثالثة التي حملت الاسم الرمزي “Starfish Prime” وانطلقت من جزيرة جونستون في 8 يوليو عام 1962م في تمام الساعة 11 بتوقيت هاواي تم تقدير الرأس الحربي النووي الذي يحمله الصاروخ 1.4 ميجا طن.
انطلق الصاروخ بخط مستقيم وانفجر على ارتفاع 400 مترًا، على بعد حوالي 36 كيلو مترًا جنوب غرب جونستون وفي لحظة الانفجار بالتحديد، انطفأت الأنوار في شوارع هاواي وتوقف الراديو عن العمل، وتعطلت خطوط الهاتف، وفي أماكن أخرى من المحيط الهادي تعطلت أنظمة الاتصالات عالية التردد مع اندفاع نبض القوى الكهرومعناطيسية عبر المنطقة الشاسعة أسفل الانفجار، وفي الدقائق التي تلت الانفجار انتشر الشفق الأحمر عبر الأفق بسبب تأين جزئيات الهواء، كانت الظاهرة مكثفة وواسعة الانتشار وأضاءت منطقة واسعة من المحيط الهادي.
اقرأ أيضًا: ما هي سلسلة تجارب المرايا المدارية ؟
على ارتفاعات عالية ظهرت الانفجارات النووية بشكل مختلف عن تلك القريبة من الأرض، فـ بالقرب من الأرض يمتص الغلاف الجوي كميات هائلة من الطاقة التي يطلقها الانفجار على شكل إشعاع حراري وأشعة سينية عالية الطاقة وأشعة جاما ونيوترونات سريعة وبقايا المواد الانشطارية، وتنمو النيران بشكل أسرع حيث لا يوجد هواء لإبطاء وامتصاص طاقة منتجات التفجير، وتنتج EMP قوية عندما تتصادم مع أشعة جافا مع جزئيات الهواء بالغلاف الجوي لإنتاج إلكترونات سريعة الحركة وعالية الطاقة، ويمكن لهذه الحقول الكهربائية أن تنتج تيارات لعدة آلاف من الفولتات.
وتوقع العلماء أن EMP ولكن الانفجار أثبت أنه قوي جدًا وكان هناك تأثير آخر فشلوا في التنبؤ به، فلم يسقط عدد كبير من الجسميات المشحونة على الأرض وبدلًا من ذلك أصبحوا محاصرين بالمجال المغناطيسي للأرض وبقوا في الفضاء لشهور، تم فقدان ستة أقمار صناعية لـ Starfish Prime واحد بريطاني وواحد سوفيتي.
اقرأ أيضًا: أكثر التجارب العلمية إثارة على مر التاريخ
كانت آلية انفجار EMP mechanism على بعد 400 كم ضربت أشعة جاما الغلاف الجوي بين ارتفاع 20-40 كم وطرد للإلكترونات التي تنحرف بعد ذلك عن طريق المجال المغناطيسي للأرض وهذا يجعل الإلكترونات تشع EMP على مساحة ضخمة بسبب انحناء المجال المغناطيسي للأرض فوق الولايات المتحدة.
أجرى السوفيت تجاربهم النووية على ارتفاعات عالية، وأحدثت نتائج كارثية مماثلة، وفي 22 أكتوبر لعام 1962م تم تفجير عبوة ناسفة 300 كليو طن على ارتفاع 290 كم، وعلى الرغم من أن الأسلحة التي استخدمها السوفيت كانت ذات عائد أقل من التجارب الأمريكية ولكن الضرر الناجم عن النبض الكهرومغناطيسي الناتج كان أكبر بكثير لأن الاختبارات أجريت على كتل أرضية كبيرة مأهولة بالسكان وفي موقع كان المجال المغناطيسي للأرض أكبر.
في العام التالي عام 1963م وقع البلدان ومجموعة من الدول الأخرى على معاهدة الحظر الجزئي للتجارب واتفقوا على إنهاء التجارب النووية في الغلاف الجوي وخارج الغلاف الجوي وحظرت معاهدة الفضاء الخارجي عام 1967م استخدام الأسلحة النووية سواء فوق الأرض أو تحت الأرض أو تحت الماء أو في الغلاف الجوي.