قصة مكان بيت السحيمي بالقاهرة
يعتبر بيت السحيمي بالقاهرة نموذج للعمارة الإسلامية في عصورها المتأخرة الزاهية، يقع المنزل بالدرب الأصفر المتفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي، هو بمثابة منزل خاص، عمارة سكنية خاصة وهو البيت الوحيد الذي لازال متكاملًا من العصر العثماني بمصر.
بيت السحيمي نموذج للعمارة السكنية بالعهود الإسلامية
يتكون المنزل من قسمين القسم الجنوبي وبناه الشيخ عبدالوهاب الطبلاوي عام 1648م، أما القسم الشمالي فبناه الحاج إسماعيل شلبي بعام 1796م ثم جعل من القسمين الجنوبي والشمالي منزلًا واحدًا وسمي ببيت السحيمي نسبة إلى الشيخ أمين السحيمي أخر من سكن بالمنزل وهو شيخ رواق الأتراك بالأزهر الشريف.
المنزل من الداخل
يشتمل المنزل على عدة قاعات تتألف كل قاعة منها من إيوانين فيما بينهما دور قاعدة في بعضها يوجد فسقية مصنوعة من الرخام بالمنتصف، وفي السقوف مناور يعلوها الشخشيخ الخشبية (هو نوع من الأسقف بها فتحة غالبًا ما تكون مربعة أو مثمنة أو متعددة الأضلاع تُفتح للإضاءة والتهوية كانت منتشرة في العمائر الإسلامية قديمًا).
أما الجدران فقد كُسيت بالخشب المزخرف على هيئة بلاطات القيشاني والأرضيات من الرخام، ويمتلئ البيت بالمشربيات والنوافذ الخشبية والدواليب والكتابات الآثرية بالخطوط العربية ومنها قصيدة البردة المشرفة للإمام البوصيري وكُتبت بخط الثلث.
يضم المنزل عدة طوابق وأكثر من مائة قاعة مما يدلل على ثراء الأسر آنذاك، عند زيارتك للمنزل تجتاز رواق المجاز وهو مدخل منكسر كانت وظيفته حجب أهل البيت وتجلس في التختبوش بمثابة مساحة مستطيلة مفتوحة على الفناء حول جدرانها تجد أرائك خشبية لتنتظر عليها صاحب البيت يصطحبك لغرفة المندرة بالدور الأرضي.
نجد أنه من أهم عناصر البيت الحرملك المخصص للنساء هو عالم النساء الذي لا يمكن لأحد اجتيازه وغير مسموح إلا لصاحب البيت دخوله، أما أجمل غرف المنزل وقد كُسيت بالقشاني الأزرق وبها مجموعة من أوانئ الطعام، ومن أيضًا الأشياء التي لها رمزيتها الخاصة الشجر المعمر من عمر المنزل شجرة السدر وشجرة الزيتون ولازالت الأوراق يانعة لليوم.
يعتبر بيت السحيمي من أجمل العمائر الإسلامية والآثار الإسلامية بالقاهرة تم تحويل المنزل لمركز للإبداع الفني تابع لصندوق التنمية الثقافية بعد الترميم وإعادة الافتتاح مرة أخرى عام 2000م وهو بمثابة مركز إشعاع ثقافي في منطقة الجمالية، وهو نموذج فريد للتأثير الثقافي والأثري من حيث تأثيره على البيئة المحيطة به.
فأنشطة المركز اليوم جزء من الحياة اليومية لسكان تلك المناطق وعلى غرار ذلك البيت العتيق شُغلت البيوت الأثرية المجاورة له بالكثير من الأنشطة الفنية والإبداعية كأنها تستمد جمالها وإبداعها من جمال المكان وروعته، وتحافظ على المورثات القديمة منها فنون الأرجوز أو الحكواتي وخيال الظل، ومثلًا بيت الخرزاتي المخصص للأمسيات الشعرية والعروض الفنية والتي تدار على مدار العام.
تظل قصة المكان وجماله الفني مؤثرة عليه حتى بعد قرون طويلة فهو من البيوت الأثرية التي ظلت باقية تقاوم الزمن لنرى من خلاله عبقرية العمارة الإسلامية وفنونها ورقيها، فقد اعتاد المؤرخون ذكر منزل السيحمي باعتباره نموذج للعمارة التقليدية في القرنين السابع عشر والثامن عشر.