لغز الجزيرة الملعونة
على الرغم من إن شاطئ فينيتيان لاجون واحِد من أجمل وأشهَر شواطئ مدينة فينيسيا، مفتوح على البحر الأدرياتيكي ومليان بجُزر ساحرة، المنطقة كُلها مشهورة بالتجارة المصنوعة عن طريق نفخ الإزاز، والبيوت المشهورة بألوانها المُميَّزة.
بس في مكان واحِد في المنطقة دي معزول، غرقان وسط ظلام مليان جنون.
جزيرة مشهورة باسم الجزيرة الملعونة، لكن اسمها الحقيقي جزيرة بوفيليا.
الجزيرة دي مكانها بين شاطئ مدينة فينيسيا وساحِل ليدو، سُكَّانها الأصليين وصلوا سنة ٤٢١، كانوا هربانين من إيطاليا بسبب الغزوات وبيدوَّروا على مكان آمِن يسكنوه.
ولقرون طويلة.. سُكّان الجزيرة عاشوا في سلام، لحَد ما أسطول جنوى البحري شن عليهم هجوم سنة ١٣٧٩، وقدروا يخلوا الجزيرة بشكل تام من كُل سُكّانها.
في نفس التوقيت تقريبًا.. الطاعون اللي كان معروف وقتها بالموت الأسود اجتاح أوروبا، وتحوَّلِت بوفيليا من جزيرة عادية لمكان بيحصَل فيه الحجر الصحي لمرضى ووفيات الطاعون، الجُثث كانِت بتتحط على الجزيرة في أكوام، وأي حد يظهَر عليه أي عرض من أعراض المرض كان بيتم نفيه بشكل نهائي للجزيرة.
وبقت العلامة المُميّزة للجزيرة هي أعمدة الدُخّان اللي بتتصاعَد فوقها، لأن المرضى كانوا بيجمّعوا الجُثث في حفر كبيرة ويولَّعوا فيها، يُقال إن أكتر من ١٠٠ ألف شخص تم حرقهم في الجزيرة، وبالتالي تحوَّل الشاطئ بتاعها لشاطئ طويل من الرماد وبقايا العظام.
السُفن اللي كانِت هربانة من الوباء في البحر بدأت ترجَع، طيب نسمح لهم بدخول فينيسيا إزاي؟ طيب.. هنعمل بوفيليا محطة للسُفن اللي عايزة تدخُل فينيسيا ونشوف سُلام ولا فيهم حد تعبان، لحَد ما تم القضاء على المرض، وكُل حاجة رجعت زي ما كانِت باستثناء حاجة واحدة بس..
طبقًا للصيّادين المحليّين فبوفيليا كان فاضِل فيها حاجة واحدة بس، الأرواح المُعذّبة للمساكين اللي قضوا أيامهم الأخيرة بيعانوا من الحمى قبل ما يتم حرقهم.
سنة ١٩٢٢.. الحكومة الإيطالية قرّرِت تبني مصحة نفسية على الجزيرة، المرضى الموجودين في المصحة بدأوا يشتكوا من حاجات غريبة، كانوا بيشوفوا أشباح بتتمشى في المصحّة وبيسمعوا صوت عياط مُرعِب طول الليل لدرجة إنهم مكانوش بيعرفوا يناموا.
لمَّا قالوا كدا للمسؤولين قالوا إنهم مجانين واتريّقوا عليهم، وتجاهلوا شكواتهم تمامًا.
ومن هنا الأحداث بتاخُد شكل تاني مُختلِف تمامًا عن الأول..
طبيب نفسي سادي مُختل بدأ يعمل تجارب وحشية على المرضى، كان موهوب في العمليات الجراحية الخاصة بفصوص المُخ، هو بس كان عنده مُشكلة صُغيّرة.. إن هو كان بيحب يعمل عملياته دي بشنيور، شاكوش، وأزميل، وكان بيحب يعمل تجاربه دي في برج المُستشفى، عشان المكان هناك بعيد وصوت الصراخ هيكون مكتوم بفضل الحيطان السميكة فمش هيوصل لحَد.
بعد فترة.. الدكتور دا اتجنّن، يُقال إن الأرواح هي اللي جننته لأنها مكانِتش راضية عن اللي بيعمله، تسلّق البرج اللي كان بيعمل فيه العمليات، ورمي نفسه من فوق، وروحه انضمّت للأرواح المُعذّبة الموجودة في الجزيرة.
سنة ١٩٦٨، اتقفلِت المُستشفى بشكل رسمي، وملكية الجزيرة انتقلِت للحكومة الإيطالية مرة تانية، وتم عرضها للبيع.. وبالفعل.. مُستثمِر غني اشتراها لفترة بسيطة جدًا، لكنه سابها بعدها لأسباب مجهولة ومش مفهومة، بعدها عيلة من عائلات إيطاليا الغنية قرّروا يشتروها، وبعد ما قضوا ليلة واحدة في الجزيرة، سابوها ورفضوا يرجعوا تاني تحت أي ظروف، سنة ٢٠١٤.. اتباعِت الجزيرة في مزاد علني لرجل أعمال إيطالي اسمه لويجي بروجنارو، ولحَد النهاردة الجزيرة ملكه.. لكنه رافِض يقول خططه ليها أو ناوي يعمِل فيها إيه!
في الوقت الحالي.. الجمهور ممنوع من زيارة الجزيرة، لكن دا ممنعش الفضوليين، الوسطاء الروحانيين، صيّادين الأشباح من زيارة الجزيرة في محاولة لاكتشاف الحقيقة ومحاولة معرفة تاريخها المُظلِم المُخيف.
واحد منهم بيقول إنه دخل المصحة النفسية المهجورة، لكن بمُجرّد ما عدى الباب الأمامي، سمع صوت مُخيف بيقوله: “امشي حالًا، وإياك ترجع هنا تاني”.
طبعًا دا الكلام اللي بيتقال، لكن الحقيقة فين؟ أعتقد هتظل لُغز للأبد!