حكايات

مشاجرة أم محاضرة

للكاتبة: شهد حمدي السعودي

مشاجرة أم محاضرةمشاجرة أم محاضرة ، أحداث القصة ليست حقيقة، بل هو تصور من خيال الكاتبة

إن تكلمنا من الجانب الدرامي سنجد أن الفتاة دائما ما تحب بقلبها، مثلا في الجميلة والوحش أو في كينج كونج كانت الفتاة جميلة جدا ولكنها أحبت وحش أو حتى حيوان، لماذا؟! لأنهم ينجذبوا إلى العواطف أما بالنسبة للرجال لم نجد أبدا الجميل والوحش؛ لأنهم يحكمون بشكل أكبر على الشكل وهو الاهتمام الأكبر لهم؛ لذا بالنسبة للفتيان عقولهم في عينيهم أما الفتيات عقولهم في قلوبهم، لا أقول إن هذا جيد بالطبع فالعقل هو العقل ويجب أن يؤدي وظيفته ناهيك عن الشعور بالحب المسؤولة عنه المنطقة ما تحت المهاد في الدماغ، وهذا يعني أن شعور الحب المسؤول عنه العقل وليس القلب؛ لذا يجب أن نودع ما يحدث بالعقل فيه. هكذا قالت البروفيسور وهي تقف بين الحضور من طلبة الجامعة، فقال أحد الطلاب بصوت عال: أنا اعترض، من قال أننا نحكم بالشكل؟! لما مصممين على جعلنا الوحوش البدائية التي تلتهم كل شيئا بالنظر؟!!

ردت عليه: لم أقل هذا أبدا يا ريان، ولكن إن لم تكن تحكم بعينيك عما تحبه وما تكرهه إذا لما تنمرت على صديقتك التي تعاني من Heterochromia الذي يجعل لون عينيها مختلفتين؟! مع أنك لو سألت عن رأيي إنها تبدو جميلة جدا بعكس شخصا ما قال عنها أنها وحش بعدة عيون. ضحك جميع الحاضرين بينما رد عليها بسخرية: هذا بسبب أن القبح داخلي وليس خارجي، كما أنك أنت أيضا لا تروقين لي أبدا.

قالت البروفيسور في غضب: وهل تظن أنك تروق لي، لديك شعر منفوش مثل اينشتاين ويا ليتك بربع ذكائه!

رد عليها: إذا لقد عدنا إلى نفس النقطة، أنت حكمت علي من شكلي، ألا يعني هذا أنك من تحكمين بالشكل وليس أنا!!

بدى وكأن البروفيسور وقعت في نفس الفخ التي نصبته، و بدأ الحاضرين بالتهامس، لم يجرؤوا على الضحك أبدا؛ لأن بمقدورها جعله يرسب أو بأسوأ الأحوال جعل الدفعة كلها ترسب، وما أسهل وضع امتحان من المريخ والامتناع عن شرح المحاضرات، لكن لم يكن هذا تفكير البروفيسور حينها؛ لأنها لو جعلته يرسب ستكون هكذا قد خسرت المحادثة، وأثبتت أنه على حق، ولن يتوقف حتى عن مضايقة زميلاته، ناهيك أن هذا الحوار سيظل قائما بين الطلاب لأيام، وبعض الأشخاص سيتخذونه قدوة، أنا لا أبالغ لكن مرحبا بك هذه هي الحياة الجامعية، وأضف على هذا أن النساء جميعهم عنيدات، ترفض الاستسلام. أخذت البروفيسور شهيق وزفير، بينما يعج المكان بالصمت، أو يمكنك القول الهدوء الذي يسبق العاصفة، ثم قالت له: ما هو القلب برأيك؟

امتنع ريان عن الإجابة؛ لأنه يعلم أنه فخ، فوجهت السؤال نحو الحضور، ما هو القلب برأيكم؟

قال أحد الطلاب بسخرية: إنه عضو بيولوجي مكون من أربع غرف، مسؤول عن حياة الكائن الحي، ويضخ الدم لباقي الجسم

قالت البروفيسور بنظرة ساخطة: لم أقصد هذا التعريف، كما لو أنني سألت من الجانب البيولوجي بالتأكيد أنتظر إجابة أفضل من هذه، أي طالب في المرحلة الابتدائية سيجاوب مثلك، لكنك طالب جامعي، يجب الدقة في الإجابة، ولقد ذكرتني للتو أن درجاتك ليست جيدة أبدا. صمت ولم يرد وقد بدا مرتعبا وبدأ يفكر: هل سأنجح يا ترى؟ لأنه لو لم ينجح توقعوا أن يطرد من المنزل؛ لأنها ستكون المرة الثالثة التي يرسب فيها. أعادت البروفيسور نظرها إلى الطلاب وهي تقول: سأبسط الأمر، ما هو الحب برأيكم؟

قال أحدهم: يعني جسد مثل مارلين مونرو وصوت مثل أنغام. وبالطبع ضحك جميع الطلاب وقاموا بأصوات الهلهلة والتشجيع الخاصة بهم، وما أندر المحاضرات التي يستطيعون الضحك فيها، لا يعلمون أنهم ينجذبون لفخ، مثلما تفترس أنثى العنكبوت الذكر، ولا يعلم حينها أنه يدخل الفخ الذي نصبته بقدميه.

قال طالب آخر: الحب يعني النظرة الأولى، حينما أنظر لفتاة حسناء وتبادلني النظرة أشعر أنني أقع بالحب بالفعل

قال بعض الطلاب: اوو رووميو. مع التثقيف طبعا

قالت البروفيسور: السؤال موجه للفتيات هذه المرة: ما معنى الحب؟!

ردت إحداهن: شخص طيب وحنون ولديه أخلاق جيدة

ردت أخرى: أن أكون الشخص الوحيد الذي يراه

ردت البروفيسور: أرأيتم؟! الفتيات هكذا بشكل عام، ليس المظهر من أولوياتها، نحن نهتم بالطبع بالمظهر، لكنه ليس من الأولويات، المهم لدينا هو الأخلاق والسلوك والطيبة، وهذا ما جعل الفتاة في الفيلم تحب غوريلا؛ لأنها شعرت أنه يعاملها بطيبه فقط، هل سمعتني يا ريان؟! الفتيات كائنات ملائكية لذا توقف عن التنمر.

صمتت وقالت بعد لحظات: ولا أقول هذا بالطبع لأنني منهم أو منحازة لهم. لكن جميعنا نعلم أنها تقول هذا لأنها منهم فالجنس سواء ذكر أو أنثى يؤثر جدا في الرأي ليس دائما ولكن غالبا.

وأكملت البروفيسور بإصرار: بل لأنني أخشى أنك هكذا ستعاني، ولا أقصد الإهانة حينما أقول لك أنك لن تجد من تحبك، ولو وجدت ستكون مثلك، لذا إما سينتهي الأمر بالعراك بينكم، او أطفالكم سيكونون متنمرون مثلكم، ولماذا؟! لأنك فقط تشعر بشعور جيد عند السخرية من الآخرين، بالرغم أن ما تفعله سيعود لك بشكل أو بآخر، تخيل طفلتك تأتي من المدرسة تشكو من شخص يضايقها، سترغب حينها بقتله؛ لذا توقف عن سلوكك.

الآن انتهت المحاضرة، من يرغب في الانصراف فليذهب. توجهت إليها بعض الطالبات ليشكروها، بينما رمقت نظرة الغضب والنفور على وجه ريان، ولا يبدو أن القادم خير.

ليس معنى انتصار البروفيسور بالحديث أنها على صواب تماما أو أن الفتى على خطأ تماما، إنما جميعها آراء يسعى كلا منها للإنتصار، ولكن لا بأس أن نصرح أن التنمر خاطئ طبعا.

اقرأ أيضاً

قاتل أحواض  الحمض إذابة الجثث

‫5 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى