الحياة والمناخرياضة

ملك ولا كتابة؟ البحث عن التفسير المنطقي

ملك ولا كتابة؟.. إذا استطعت أن تتوقع الإجابة الصحيحة فستربح معنا، عندما تنصت لتلك الشروط في أي مسابقة فإنك بالتأكيد ستتقدم على الفور للمسابقة فنسبة نجاحك تساوي 50%، فلما لا تشارك؟، ولكن ماذا سيحدث إن أحدثنا تغييرا بسيطا وجعلنا الشروط أنه يجب عليك أن تتوقع نتيجة إلقاء العملة 100 مرة متتالية، حتى تربح وإذا أخطأت في إحدى المرات فسوف تخسر!

فماذا ستكون ردة فعلك، بالتأكيد سيرسل عقلك الإشارات إلى جسدك حتى تنفر من تلك المتطلبات التعجيزية، وتنسحب من المشاركة فورا، نظرا لاستحالة الفوز لأنه من غير الممكن أن تتوقع نتيجة إلقاء العملة 100 مرة على التوالي بشكل صحيح بدون الخطأ في أي مرة، ولكن دعني أخبرك بأنك مخطئ لأنه يوجد نمط أمام أعينك يجعلك بسهولة تتوقع نتائج القاء العملة 100 مرة على التوالي بشكل صحيح وتربح الجائزة، النمط هو الحظ!

محظوظ حتى الموت!!!!

في إحدى مقابلات منصة Ted مع دكتور علم النفس الأمريكي بارى شوارتز تحدث عن مدى سوء نظام الاختبارات التي تجريه الجامعات الأمريكية لقبول طلاب الثانوية ومدى تأثيره السلبي على الطلبة نفسيًا، وإصابتهم برعب وذعر واضطرابات لا تتناسب طرديًا مع مرحلتهم العمرية (المراهقة)، وأنهم دائمًا ما يقوموا بتعقيد متطلباتهم ورفع المعايير كل عام أكثر من الذي يسبقه.

فقام شوارتز بتقديم اقتراح عبقري وهو أن يتم تجميع كل الطلبة ذو المستويات الجيدة ووضعهم في قاعة، وأن يكتب اسم كل طالب منهم في ورقة وتوضع جميع الأوراق بصندوق ويتم اختيار أسماء الطلبة المقبولين في الجامعة بالاقتراع، وأنه يرى أن ذلك هو  الحل الأمثل ليس لأنه سيقضي على الظلم بالطبع، ولكنه سوف يكشف الظلم على حقيقته وسيتوقف الجميع عن الإدعاء بوجود الظلم، لأننا في هذه الحالة سنكشف الظلم على الملأ.

وبما أن الطلاب سوف يتعرضوا للظلم في جميع الأحوال فلما لا يكون الأمر مُعلن من البداية، بالإضافة إلى أننا سوف نقضي على الخوف والتوتر الذي يصيب طلاب لا يتجاوز أعمارهم الـ18 عاما، وهم في غنى عن ذلك في تلك المرحلة العمرية، ويُنهي شوارتز حديثه متسائلا لماذا لا يتم تنفيذ اقتراحه؟ ولكنه كان يمتلك الإجابة وهى كره الجنس البشري بالاعتراف بأن أفضل الأشياء التي تحدث لهم في الحياة تحدث بفضل الحظ.

واختتم اللقاء بالحديث عن أغرب المواقف التي حدثت له عندما انتهى من إحدى محاضراته فوجد شخصا ينتظره بين صفوف الحاضرين، وتوجه إليه وطلب منه أن يُلقي محاضرة في منصة تدعى تيد ولكن شوارتز سأله ما هي تيد؟ كانت تيد في ذلك الوقت منصة مجهولة وذهب شوارتز، والقى محاضرة تلو الأخرى فيها حتى أن أصبحت تتجاوز محاضراته الـ20 مليون مشاهدة على منصة تيد.

محمد صلاح الأول!

عام 2001 لاعب مصري يلعب في بلجيكا من المحترفين القلائل من المصريين في الخارج بالإضافة إلى أنه يقدم مستويات جيدة في ستاندر ليدج البلجيكى يتم  استدعائه من الكابتن شوقي غريب مدرب منتخب الشباب، حينها من أجل الاستعدادات لخوض كأس العالم للشباب يذهب محمد اليماني للمنتخب ويتألق على المستوى الفردى ويحرز ثلاثة أهداف ويساهم في إنجاز عظيم نادرًا ما يتكرر، ويحرز مع المنتخب بورنزية المركز الثالث.

وذلك هو الإنجاز الأعلى الذي تحققه مصر على مستوى منتخبات الشباب في البطولات العالمية، وتنهال العروض على  اللاعب وأبرزها عرض يوفنتوس الإيطالي الذي وصل لمراحل متقدمة مع اللاعب، وبعد عودة اللاعب إلى مصر والانتهاء من الاحتفالات وأثناء ذهاب اللاعب إلى المطار للسفر مرة اخرى تصطدم سيارته في حادثة فاجعة ويصاب بنزيف في المخ.

بعد خروج اللاعب من المستشفى ظل فاقدا للذاكرة لمدة 3 أشهر، كان يدخل المحلات والكافيهات مع والده ثم يلتف الناس حوله لكى يلتقطوا الصور معها، ولكنه لا يفهم ماذا يحدث ولماذا الناس تلتف حوله هكذا فكان والده يحضر له المجلات القديمة لكى يساعده على تذكر الكورة والمباريات، ومع مرور الوقت بدأت ذاكرته تنتعش واستعاد بعض من قوته البدنية.

ولكن هناك شيئا واحد لم يستطع الاحتفاظ به وهو الأهم!.. على حسب وصف اليماني فهو صبح أبطأ على مستوى التفكير والتحرك بالكورة من بعد الحادثة فأصبح كالكتاب المفتوح لخصومه فازدادت معدلات قطع الكورة منه وقل عدد أهدافه وفقد أهم مزاياه ولم تدم رحلته كثيرًا في الخارج واستمر لعامان حتى عاد لمصر عن طريق بوابة الزمالك، وانتهت رحلة محمد صلاح الأول في الخارج بسبب التأثيرات السلبية للحادثة عليه وتدمرت مسيرته اللي كان يُنتظر منها الكثير وأصبح مجرد لاعب يُذكر اسمه ضمن قائمة كبيرة من اللاعبين الذين يستشهد بفشلهم بالاحتراف بالخارج على الرغم من أنه الأسوأ حظ من بينهم.

الحظ والحياة

أما زلت لا تقتنع أن للحظ دورًا كبير في الحياة، أما زلت تقتنع بأن الحديث المتكرر عن الحظ هو نوع من أنواع الدجل والشعوذة، كما أتمنى ذلك فعلا لأنه سيضعني في نفس المرتبة الفكرية مع نابليون!

السؤال الأول: هل هو محظوظ بما فيه الكفاية ليقود المعركة؟

نابليون بونابرت واحدا من أعظم القادة في التاريخ واحتل العالم كله تقريبًا ولم يخسر سوى حربا واحدة، كانت قرب نهايته، وبدأ حينها يصاب بحالة من حالات الجنون، ولكن هل تعلم أنه قبل الدخول للمعركة وقبل أن يختار أي قائد سوف يعاونه في الحرب كان يسأل سؤالا واحدا: هل هذا القائد محظوظ بما يكفي؟  كان نابليون يؤمن بالحظ مثل مشجعي الكورة الذين يؤمنون به أيضًا عند خسارة فريقهم فقط، لا يؤمن الناس ألا بنوع واحد من الحظ في الكورة وهو الحظ السيء فقط عند الخسارة، ولكن عند الفوز فهم بالتأكيد يؤمنوا بأنهم الأحق بلا شك ولم يكن للحظ أي عامل أو دور.

ليفربول والحظ السيء والسيء جدا!

فاينسين كومباني واحدا من أهم المدافعين في مانشستر سيتي في حقبته الأخيرة بكل تأكيد، ولكن للحظ السيء كومباني في مشواره الكوري بأكمله شارك في 532 مباراة سجل خلالها 31 هدف، الـ31 هدف الذي سجلهم في مسيرته بأكملها أحرز منهم كم هدف من خارج منطقة الجزاء؟..  بالتأكيد أنت توقعت الإجابة الصحيحة وهي هدف واحد فقط أحرزه من خارج منطقة الجزاء، وهو الهدف الذي أحرزه في آخر جولة في دوري 2017/2018، وانتهى بفرق النقطة التي حصل عليها مانشستر سيتي بـ98 نقطة والليفر في المركز الثاني بـ97.

وفي تصريحاته عقب المباراة قال إن جميع اللاعبين أطلقوا أعلى صيحاتهم مطالبينه بعدم التسديد، ولكنه للأسف لم ينصت لهم وقام بتسديدها، وعلى الرغم من الحظ السيء لليفربول في مثل هذه اللحظة، إلا أن الأسوأ هو قيام الجميع بسرقة الحق الأدبي والمعنوي للحظ، وقامت بنسبه للتكتيك، مما لا شك فيه أن السيتي في المباراة كان الأفضل على كل المستويات؛ ومنها التسديدات والاستحواذ ومعدل الفرص المحققة.

ولكنه لم يستطع تسجيل سوى هدف وحيد من لقطة لو أُعيدت 100 مرة لم يكن كومباني ليسجلها إلا مرة واحدة، وهي تلك المرة، بالإضافة للإنقاذ التاريخي لستونز من على الخط بفارق نص سنتي لكان الليفر البطل حينها، ولكن بطولة مثل هذه قدم ليفربول موسم استثنائي وخسرها لسوء الحظ فقط، ويصر الجميع على اختلاق أسباب لا وجود لها حتى يشعروا أنفسهم بالطمأنينة ويخلقوا قصة محكمة السرد عن الأفكار التكتيكية المُعقدة، التي جعلت السيتي يتفوق عن الليفر بفارق نقطة، وكان من الأسهل اختصار كل القصص والحكايات الوهمية في كلمة واحدة وهي الحظ.

نائب الحظ يحدثكم من موقعه

في كأس العالم 2018، إنجلترا وبلجيكا فريقان تربعا نفس المجموعة وتأهلا سويًا من دور المجموعات، بلجيكا واجهت في طريقها للنهائي، كل من البرازيل وفرنسا، أما إنجلترا فكان في طريقها نحو النهائي السويد وكرواتيا، أما السبب وراء هذه اللقاءات القوية، فهي “القرعة” النائب الرسمي الأبدي في كل البطولات عن الحظ، حاجة بتعتمد على الحظ 100 في الميه حاجة زي ملك وكتابة بالظبط.

بغض النظر عن إنه من الممكن أن تنظر بعد انتهاء البطولة وتقول بأن بلجيكا توجت بالبرونزية على حساب إنجلترا، ولكن تخيل أن العكس ما حدث وبلجيكا هي التي كانت في طريق إنجلترا الأسهل بمراحل، وواجهت كرواتيا، كانت ستصبح آمال بلجيكا في الوصول للنهائي بسهولة، كبيرة جدًا على عكس الطريق الذي سلكته أمام أقوى منتخبين ولم تستطع أن تجتازه للنهاية بسبب الحظ!


اقرأ أيضا:

الأرجنتين تطارد البرازيل نحو صدارة تصفيات كأس العالم 2022

زر الذهاب إلى الأعلى