سينما

عن مشاهدة فيلم The call.. وكيفية عمل “كريستوفر نولان” في البيت

عن فيلم The call.. وكيفية عمل “كريستوفر نولان” في البيت

 

خلال العقد الأخير برزت السينما الكورية وفرضت نفسها على ذائقة المشاهد العالمي، وظهرت أعمال حازت جوائز درامية لمناقشتها قضايا مختلفة، ولتفرُّد معالجتها لأحداث سواء كانت بنت البيئة الكورية ذاتها أو أحداث إنسانية في المقام الاول، لكن The call فتح بابًا جديدًا؛ وهو باب التشويق..

الفيلم من إنتاج “نتفلكس”، وقد اتبعت معه نفس ما فعلته مع أعمالها الناطقة بالإسبانية؛ بمعالجة حبكات هوليوود المعقدة، فيعرض حبكات مشابهة لكن مع الكثير من التبسيط، والكثير والكثير من الاستعراض و”الستايل” الجذاب للعين، على طريقة مسلسل La casa de papel، الذي لا يختلف كثيرًا عن أفلام السرقات التي لا تمتلك هوليوود أكثر منها.

The call هو معالجة مختلفة للسفر عبر الزمن، وهي تيمة هوليوودية مضمونة النجاح، لعل أبرز من سبر أغوارها هو كريستوفر نولان.. لكن كريستوفر كان يحول المفاهيم الأكاديمية إلى دراما، على عكس The call، الذي قرر من البداية حرق كافة الأوراق العلمية، والاعتماد على عنصر الإمتاع، الإمتاع فحسب.

 

يروي الفيلم قصة فتاتين –للتبسيط – سنطلق عليهما “فتاة الحاضر” و”فتاة الماضي”.. فالأولى تعيش في عام 2019 والثانية تعيش قبلها ب20 سنة، ترتبط كلا منهما بالأخرى كونهما تسكنان نفس البيت خلال عصرين مختلفين، ويتواصلان من خلال الهاتف الأرضي الموجود بالبيت.

اقرأ أيضًا:

فيلم الحارث قصة رعب مقتبسة من أحداث حقيقية .. الحارث على منصة شاهد وشاهدVIP

(تحذير بالحرق)

 

يبدو الأمر في البداية ممتعًا، ففتاة الحاضر تقرأ أخبار الصحف في الماضي، وتعرف ما سيحدث لفتاة الماضي من خلال الأخبار، فتنبهها لما قد يحيطها من مخاطر، وفتاة الماضي يمكنها تغيير ما حدث بالفعل، فتعيد لفتاة الحاضر أبيها الذي توفي في حادث اختناق بالغاز.. يبدو الأمر ممتعًا في البداية، جميع الأطراف سعيدة، الأولى تمتلك المعلومة، والثانية تمتلك الفعل الذي يؤدي للمعلومة.

 

لفهم اللعبة الزمنية حاول ألا تتخيل الأمر صراعًا بين الماضي والحاضر، تخيل أنهما نقطتنا زمنيتان متوازيتان، يتحركان معًا في نفس الوقت وبحركات متقاربة، لكن إحداهما تسبق الأخرى بمسافة عشرين عام.. مفهوم النقطتين المتحركتين سيريح عقلك من محاولة إضافة منطق للأحداث، وسيريحك من أسئلة كثيرة أظن أن صناع الفيلم نفسهم أدركوها وتخلوا عنها لصالح التشويق.. وهو ما تم بنجاح يجعلك تتغاضى عن كل شيء بالفعل.

 

تميز الفيلم في رأيي في “البساطة” لم يحاول صناعه أن يبيعوا أكثر من معالجة شيقة تحبس أنفاسك حتى النهاية، فالفكرة تشبه كثيرًا The lake house، والسيناريو كان عاديًا بعض الشيء، الأبطال “جيدين”، حتى الشخصيات كان عددها محدود، المؤثرات كذلك كانت في أضيق نطاق، لم يحاول الفيلم اقتباس حركات الكاميرا الخاصة بأفلام الرعب والإثارة المشابهة، حتى التفرقة بين الزمنين تمت باستخدام ألوان الصورة ليس أكثر، دون أي محاولات كبيرة في عمل بصمة بصرية أو إخراجية لأي الزمنين.. كل شيء تم ببساطة، لذلك استوعبه الجمهور وتعاملوا معه بسهولة.

 

أفضل ما في الفيلم –في رأيي- هو الخط الدرامي الخاص بفتاة الحاضر، وعلاقتها المعقدة بأمها، واعتقادها لسنوات طويلة أن إهمال الأم هو ما تسبب في وفاة الأب، لتدرك مع الوقت أنها من تسببت في وفاته، وأن الأم لم تشأ تكدير مستقبلها بهاجس الضمير وعُقَد الذنب.. يحسب كذلك للسيناريو الفصل الواضح بين الحاضر والماضي.

لكن ما لم أستسغه تمامًا هو مشهد ما بعد النهاية.. فالفيلم قد تجنب جميع الصراعات العلمية الخاصة بالسفر عبر الزمن، وقد وعدك من البداية بـ”حدوتة حلوة” وكفى.. فلماذا لا تنتصر فتاة الحاضر في معركتها وتسعيد أمها وتعيش معها ما تبقى لكليهما من أيام ونغلق الفيلم وننام بهدوء؟ لا أظن أن الفيلم كان يحتمل “التعقيد” الزمني المدفوع دفعًا والذي يؤدي لانتصار الشر بشكلٍ غير عادل وغير كفء، هذا التعقيد هو ما جرد الحكي من نقطة قوته وارتكازه الأعظم؛ البساطة.

 

التخلي عن البساطة جعل الفيلم يدخل في مقارنة مع أعمال نولان، وهو رجل يعرف جيدًا ما يفعل، ففي أفلام مثل Interstellar ندرك أنه سيربح أي مقارنة مع هذه النوعية من الأعمال، وإن كنت رأيت في The call محاولة لعمل نولان في البيت على غرار معركة الأمهات الأزلية مع البيتزا.. وأظن أن The call سيحصد مشاهدات بعد عشرة أعوام أكثر مما سيحصدها فيلم Tenet على الرغم من فرق الميزانية والمجهود والبحث العلمي.. لأن الفيلم الكوري كان محاولة شديدة الدفء والبساطة بشكل كافٍ ليقترب منها المشاهد، صحيح أن الملح كان زائدًا، وصحيح أنها لا تشبه “بيتزا المطاعم” إلا أنها وجبة جيدة.

مشاهدة وتحميل فيلم The call

واخيرا يمكنكم سماع الفيلم اون لاين وا تحميله ومشاهدة في اي وقت من موقع ايجي بست هنااااا

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى