ثقافة وفنون

انتظار

كان يسرك أن تجدني في انتظار موعد الرست بكافتيريا العاملين بالفندق، وخاصة بعد لقاء لنا هناك. خرجت منه قائلا إن أفضل مخرجي المسارح التجريبية سيرانا مادة خصبة لعمل ناجح. في الفندق وقد راعني اهتمامك بتلك الفتاة القادمة من أمريكا، والتي قامت برحلة إلى جنوب إفريقيا بالدراجة مما أثار شغفك. خلف صورتها الشخصية أهدتك الفتاة جملة تقليدية وانصرفت.. على إيقاع الموسيقى المكثفة في بهو الفندق. كنت تمر أمامي حاملا بعض الكاسات الفارغة متوجها إلى البار. حيث عالمك الرحب كان يتملك يأس ما.

أخبرتني أنك متوجه غدا لإنهاء إجراءات استلام عمل مكتبي أدركت حينها أنك ستفقد سكرك الذي تمنحه. كان يبدو عليك إضراب. لذلك تعلقت بك عيون كثيرة متسائلة وحين انزويت في مكان ما بعيدا عن أعين الزملاء. فاجأتك لأثنيك عن ترك العمل. وحيث أنني اقتنص الوقت. منحتك قبلة خاطفة. دغدغت مشاعري وتبتت لبرهة عينيك الزائغتين. أردت أن تقطع توسلي وتنسحب خلسة. لكني طوقتك بذراعي لأوكد أنني مرتبطة بهذا المكان من أجل هذا الكنز الذي احتويه. دخلت معك في حالة حقيقية أكثر من تلك الحالات التي ينبعث منها التأوهات والتي تمتلىء بها غرف الفندق. كنت أتأمل لوحة يبدو خلالها قرص الشمس فوق الراقصة وهو يخترق بسخونته ذلك السحاب المتراكم. كانت ساعة الانصراف قد اقتربت. تابعتك حتى الباب المروحي بآخر الممر الذي تحرك خلفك عدة مرات كان يظهر حتى اختفيت تماما وراء حركة الباب الذي كان قد توقف الآن عن الحركة تماما.

داخل متحف قلعة قايتباي بالإسكندرية وحيث أعمال الترميم لم تكن قد انتهت بعد، رأيتك تتحدث الألمانية بطلاقة محدثا الفوج عن الدروع والأسلحة، وعن تلك الفترة التي انسكبت فيها الدماء، وشهدت التشنجات والصرخات إلى جانب العشق على أضواء المشاعل في المساء. تابعتك وأنا في زاوية أمام نافذة تلاقت فيها أسياخ حديدية قوية مع جدران سميكة. أطل على أمواج البحر التي تبتعد لتعود أشد وهجا مما أدى إلى تلك الحميمية بين البحر وبين الجدران التي أذابها وأسقطها الدفء. ارتفعت لهجة الألمان بالمكان حين تركتهم مدفوعا نحوى ومأخوذا من تلك المصادفة. أشرت إلى سيف الأمير قايتباي ذو الزخارف المركبة. قلت أود لو وضعت عليه آخر قطرة من كأس ليلتنا البعيدة لإزالة الصدأ. على بوابة القلعة أعدت فرسك كانت نشطة امتطيتها بخفة ثم أخذتني معك في عجلة وكأنك متوجه فورا لقيادة جيش على أطراف صحراء خماسينية. ثم تركتني ثانيا لأنتظرك على مسافة من دقات طبول الحرب.

    قصة قصيرة

    زر الذهاب إلى الأعلى