كل ما تريد معرفته عن وقود المستقبل.. الهيدروجين الأخضر
الهيدروجين الأخضر.. تستهدف العديد من الدول، في الآونة الأخيرة، الاستثمار في تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، لتقليل الانبعاثات.
وفي مؤتمر المناخ «COP 27»، أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، افتتاح المرحلة الأولى لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لتصبح مصر من البلاد الرائدة في العالم لإنتاج هذا النوع من الطاقة، وجرى التوقيع على اتفاقية بين مصر وشركات من عدة دول أخرى منهم بريطانيا والهند والإمارت، لإنتاج أكثر من 14 مشروعا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو استثمار يزيد تكلفته عن 20 مليون دولار.
ما هو الهيدروجين؟
الهيدروجين يعتبر من أكثر العناصر المتوفرة وأبسط عنصر موجود على سطح الأرض، ومن مميزات الهيدروجين أنه عندما يحترق يولد طاقة ضخمة على هيئة حرارة وتخرج معها مياه كناتج ثانوي، ولا يولد احتراقه ثاني أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون هو السبب الرئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري، ولذلك يعتبر الهيدروجين من مصادر الطاقة النظيفة.
ولكن إنتاج الهيدروجين صعب لأنه يوجد داخل مركبات أخرى، مثل المياه الذي تتكون من الهيدروجين والأكسجين، والذي يعتبر أكثر مركب منتشر على سطح الأرض، ولكي يتم استخراج الهيدروجين من المياه واستخدامه في إنتاج الطاقة، يستلزم ذلك طاقة وعمليات كيميائية كثيرة ومعقدة لاستخراجه من الأكسجين.
الفرق بين الهيدروجين الأخضر والأنواع الأخرى
النوع الأول هو: الهيدروجين الرمادي وهذا النوع يتم إنتاجه عن طريق خلط الغاز الطبيعي مع بخار ساخن، ثم يحدث تفاعل كيمائي ينتج عنه هيدروجين وأول أكسيد الكربون، وبعدها يتم إضافة مياه على هذه المواد، فيزيد التفاعل وينتج كمية أكبر من الهيدروجين، ويتحول أول أوكسيد الكربون لثاني أكسيد الكربون، وهذه هي الأزمة لأن غاز ثاني أكسيد الكربون هو غاز مضر للبيئة، ويسبب ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، وعامل رئيسي في عملية الاحتباس الحراري، لذلك يصنف الهيدروجين الرمادي من أسوأ أنواع الهيدروجين.
النوع الثاني: الهيدروجين الأزرق، وهذا يتم إنتاجه بنفس طريقة إنتاج الهيدروجين الرمادي، لكن المختلف هو تجميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتخزينها في أماكن مخصصة تحت الأرض، ولكن يوجد أيضا جدل كبير على إنتاج الهيدروجين الأزرق، لأن عملية استخراج الغاز الطبيعي يسبب انبعاثات غاز الميثان أو التسريبات الهاربة، وهذا نوع أخطر من ثاني أكسيد الكربون، فلذلك أفضل أنواع الهيدروجين هو الأخضر، حيث يتم إنتاجه عن طريق التحليل الكهربي، بتمرير تيار كهربي بطريقة معينة على المياه، حتى يتم تحليل الجزيئات لأكسجين وهيدروجين دون أي انبعاثات ضارة أو نتائج ثانوية.
ولأن ذلك يستهلك كمية أكبر من الكهرباء، فخلال السنوات السابقة كان من الصعب إنتاج هذا النوع المكلف، وهو ما جعل الهيدروجين الأخضر لا يزيد عن 1% من إنتاج الهيدروجين في جميع أنحاء العالم، ولكن الآن أصبح يوجد فائضا في إنتاج الكهرباء، بسبب التقنيات الحديثة وكفاءة آلات التحليل الكهربي، لذلك أصبحت تكلفة الهيدروجين الأخضر أقل من السنوات السابقة.
وهناك العديد من الدول التي تعتمد الآن بشكل رسمي في إنتاج الكهرباء على الطاقة النظيفة والمتجددة، لذلك فإن استثمار الهيدروجين الأخضر مهم جدا للمستقبل، وهذا ما جعل الدول تتسابق عليه.
فوائد الهيدروجين الأخضر على العالم
بعد إقبال عدد كبير من الدول على زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين؛ مثل كندا، وفرنسا، واليابان، وأستراليا، والنرويج، وألمانيا، والبرتغال، وإسبانيا، وتشيلي، والصين، وفنلندا، فقد أطلق عدد من البلدان والتكتلات استراتيجيات للاستثمار في الهيدروجين، أبرزها خطة الاتحاد الأوروبي للهيدروجين الأخضر في يوليو 2020.
وتعتمد عملية التحول إلى الهيدروجين الأخضر على عشرة قطاعات اقتصادية رئيسية، ولعل القطاع الرائد في هذا التحول هو قطاع الطاقة الذي يعمل على تطوير الطاقات الجديدة والمتجددة، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة الكتلة الحيوية وغيرها، فإن استخدام مصادر الطاقة هذه لن ينتج عنه أي انبعاثات تضر بالبيئة، وستساهم بشكل كبير في التنمية، مما يساعد على تعزيز الإنتاج وتحقيق الاستقرار والنمو، وهذا يخلق فرصة عمل جديدة ويحسن مستويات المعيشة ويقلل الفقر.
ومن المتوقع أن يلبي الهيدروجين الأخضر حوالي 25% من احتياجات العالم للطاقة بحلول عام 2050، بحجم مبيعات سنوية تصل إلى 770 مليار دولار، ويتوقع مجلس الطاقة العالمي أنه بحلول عام 2025، يمكن أن تغطي استراتيجيات الهيدروجين الوطنية البلدان التي تمثل أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي منه.
وصرح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، د. محمد شاكر، أثناء المؤتمر الاقتصادي، أن مصر تستهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة في العالم حتى تصل إلى 8% من السوق العالمي، واستخدام هذه الاستراتيجية سيُحسن من الإنتاج المحلي المصري، حتى يصل إلى 18 مليار دولار لسنة 2025، وتوفير أكثر من 100 ألف وظيفة.
وتخطط الصين لإنتاج أكثر من مليون سيارة تعتمد في تشغيلها على الهيدروجين الأخضر، في عام 2030. وتوقع بنك «جولدمان ساكس» التي يعتبر من أكبر بنوك الاستثمارية في العالم، أن قيمة الاستثمارات في الهيدروجين الأخضر، ستصبح 12 مليون دولار في عام 2050.