الذبابة الذهبية في الثقافة الفرعونية.. وسام ومكانة مرموقة
الذبابة الذهبية في الثقافة الفرعونية.. تعد الذبابة من الحشرات المزعجة لدى ملايين البشر الذين يرغبون دومًا في التخلص منها لتفادي العديد من أضرارها، فيكفي أن تعرف بأن الذباب المنزلي وحده مسؤول عن 65 مرضًا على الأقل وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، إلا أن الصورة النمطية الحالية للذباب كانت مختلفة قليلا لدى مصر القديمة، وهنا سنتعرف على قصة وسام الذبابة الذهبية.
مكانة مرموقة للذباب
كان للذبابة مكانة مرموقة لدى المصريين القدماء الذين رأوا فيها حشرة قوية مثابرة، فهي لا تكل من الهجوم على أهدافها مهما كان حجمهم، بالإضافة لقدرتها العالية على الكر والفر من أعدائها.
وسام عسكري للذبابة
ألهمت صفات الذبابة المصريين القدماء بمنح أرفع النياشين العسكرية باسمها باعتبارها الصفات، التي يجب توافرها في المقاتل وقت الحروب لتنشأ قصة وسام الذبابة الذهبية.
ملكة مصر أول الحاصلين على الوسام
تعد الملكة «إياح حتب»، والتي يعني اسمها القمر السعيد، أشهر الحاصلين على وسام الذبابة الذهبية في مصر القديمة.
وعاشت إياح حتب في نهاية حقبة الأسرة السابعة عشر، حيث كانت زوجة الملك سقنن رع، فأنجبت منه العديد من الأبناء الذين كان أشهرهم كامس وأحمس.
لماذا استحقت إياح حتب وسام الذبابة؟
شهدت فترة إياح حتب، حرب مصر وقبائل الهكسوس الوافدة من غرب آسيا، والتي يعدها الكثير من المؤرخين من أكثر المحن التاريخية على مصر القديمة.
وقُتل الملك سقنن رع ببلطة في الرأس أثناء قيادته لأول حرب تحرير لمصر من أيدي الهكسوس، وهو ما أثبتته المومياء الخاصة به التي عُثر عليها في الدير البحري. ولم يؤثر موت الملك في عزيمة إياح حتب التي أعدت ابنها كامس لمواصلة مشوار أبيه في معركة التحرير، إلا أنه قُتل أيضا عن عمر 20 عاما.
ولم تتنازل إياب حتب عن حلمها من أجل تحرير مصر من الهكسوس، فأعدت ابنها الثاني أحمس للمعركة حتى تحقق له النصر وطارد الهكسوس، حتى حصن «شاروهين» مشتتًا شملهم لينهي استعمارًا دام قرنًا ونصف من الزمان.
– كان للتخلص من الهكسوس نتاجًا عظيمًا على تأسيس أحمس للدولة الحديثة، فتكونت إمبراطورية عظيمة فى الشرق الأدنى القديم من الفرات شمالًا مروراً ببرقة غربًا وصولاً إلى أعماق إفريقيا جنوبًا، وامتدت قرابة خمسة قرون في الفترة من 1575-1087 قبل الميلاد.
ولم ينس الملك أحمس الدعم الذي قدمته والدته إياح، فحرص على تكريمها بوسام الذبابة الذهبية، وهو ما تم نقشه وتدوينه بوضوح على إحدى لوحات معبد الكرنك الكائن بالأقصر.
مقبرة إياح ووسام الذبابة
لم يتمكن علماء الآثار من تحديد المقبرة الأصلية لإياح حتب، إلا أنه قد أُعيد دفنها في مقبرة درع أبو النجا في الأقصر، حيث عُثر على تابوت يُظهر الملكة مرتدية شعراً مستعاراً ثلاثي الطبقات بالإضافة لتواجد أسلحة حربية مثل الخناجر، الفأس، ومعهم مجموعة من النياشين العسكرية التي كان أبرزها الذبابة الذهبية.
وتتواجد مجموعة الحلي الذهبية الخاصة بالملكة إياح حتب في المتحف المصري الكائن بميدان التحرير.