الحياة والمناخرياضة

الرياضة في عصر المصريين القدماء.. مصدر إلهام

الرياضة في عصر المصريين القدماء.. قدم المصري القديم نموذجًا فريدًا بين حضارات العالم أجمع، فعرف الزراعة وشيد المدن وأقام نظامًا سياسيًا للدولة، وإذا أمعنت النظر إلى أي من تماثيل ملوك الفراعنة، فغالبًا سيشد انتباهك ذلك القوام الرياضي الممشوق الذي ينم عن قوة صاحبه، وهو ما يتماشى بالطبع مع مكانة تآليه الفرعون لدى المصريين وقتها، مما دفعهم لإظهار التمثال في أفضل شكل ممكن من حيث البنية الجسدية للفرعون، وهنا سنبرز أهم الرياضات التي عرفتها مصر القديم.

ألعاب الملوك المفضلة

أظهرت العديد من نقوش المعابد الفرعونية ممارسة بعض الألعاب الرياضية والمتواجدة حتى وقتنا الحالي في الأولمبياد، وهو ما أقر به أفري برونداج رئيس اللجنة الأولمبية الدولية السابق أثناء زيارته لمصر عام 1956، مبديًا دهشته مما وصل إليه المصري القديم في مجال الرياضة.

وأكد المؤرخ اليوناني الشهير هيردوت ممارسة المصريين القدماء للعديد من الألعاب الرياضية، بل وتنظيم مسابقات لها وتقديم الجوائز للفائزين في نظام مشابه لما عرفته الدورات الأولمبية لاحقًا.

وعُرف الصيد برياضة النبلاء والأمراء سواء كان صيد الأسماك أم الحيوانات البرية المختلفة، حيث كان المصري القديم يتباهى دائمًا بقدرته على الصيد، وهو ما وُجد على الكثير من الجداريات.

وانتشرت لعبة الرماية بالقوس والسهم بين أوساط الملوك والنبلاء، حيث تم وصف الملك رمسيس الثاني بالرامي والصياد الماهر.

الهوكي أصله مصري

أظهرت العديد من الرسومات الموجودة في مقابر بني سويف ممارسة المصري القديم للعبة شبيهة بالهوكي الحالي، حيث تم استخدام مضرب ذو نهاية ملتوية مصنوع من أوراق النخيل من أجل ضرب كرة مصنوعة من خيوط البردي المغطاة بقطعتين من الجلد.

الألعاب المائية تظهر

استغل المصري القديم نهر النيل في تنظيم مسابقات لرياضة السباحة، علمًا بأن قصور النبلاء قد احتوت على حمامات السباحة من أجل ممارسة تلك الرياضة.

وأظهرت الرسومات ممارسة المصري القديم لرياضة التجديف بالشكل المعروف عنه حاليًا، حيث كان لكل قارب قائدًا من أجل قيادة الفريق من خلال توجيه النداءات.

ألعاب القوى والمصارعة

مارس المصري القديم رياضة الجري، حيث أُقيمت مسابقات لها كان أبرزها في طقوس احتفالات تنصيب الملوك، وحرص كل منهم على العدو من أجل إظهار قدراته البدنية.

وأظهرت مقبرة «بتاح حتب» الموجودة بسقارة قيام المصري القديم بممارسة رياضة الوثب العالي وترويض الثيران من أجل استعراض القوة.

وانتشرت رياضة المصارعة بين الصبية الصغار، وهو ما أظهرته النقوش بمقبرة «بتاح حتب» بوضوح لصورة مباراة مصارعة جرت خلال حقبة الأسرة الخامسة.

المبارزة والفروسية من أجل الحروب

أظهرت نقوش معبد «هابو» بالأقصر ممارسة المصريين القدماء لرياضة المبارزة بالسيف، مع ارتداء أقنعة لحماية الوجه كما هو الحال الآن برياضة سلاح الشيش.

واهتم المصريون القدماء بركوب الخيل في ظل خوضهم العديد من الحروب، بالإضافة لاستخدام تلك المركبات في الصيد بمطاردة الحيوانات البرية، حيث ظهرت سباقات الخيول والتي ركزت على مهارة التحكم دون استخدام السرج.

التوازن وشد الحبل

ضمت مقبرة «مارويكا» صورًا لرياضة عُرفت بالتوازن، حيث يقوم مجموعة من الأشخاص بمسك أيدي بعضهم في وضعية مائلة أثناء الوقوف على كعب أرجلهم، فيما ظهرت أيضًا صورًا لرياضة شد الحبل.

رفع الأثقال بالرمال

عرف المصريون القدماء رياضة رفع الأثقال عن طريق رفع كيس من الرمال بيد واحدة والاحتفاظ به عاليًا، لأطول فترة ممكنة في شكل يشبه تقنية رفعة الخطف في الوقت الحالي، علمًا بأنه قد تم تنظيم مسابقات بين الشباب لإظهار قوتهم بتلك اللعبة، حيث كان يتم زيادة الثقل في حال التعادل بين المتنافسين.

للفتيات نصيب من الرياضة

أظهرت بعض الرسومات في مقابر بني حسن بالمنيا ومقابر سقارة بالجيزة صور لفتيات يتقاذفن كرات صغيرة، وهن يعتلين ظهور بعضهن، بالإضافة لرسومات أخرى حول فتيات يقمن بحركات تعكس رشاقتهن ومرونتهن بشكل أشبه بلعبة الجمباز الحالية.

وحرص الرجال على متابعة عروض الفتيات في الجمباز والرقص والسباحة، وهو ما ورد في بردية «وستكار»، التي تعد من أهم نصوص الأدب المصري القديم، وكذلك ببردية «سنفرو».

الألعاب العقلية تظهر

ضمت العديد من مقابر الفراعنة مجموعة من أدوات اللعب، التي تتشابه في أشكالها مع لعبة الشطرنج الحالية، حيث كانت تُعرف باسم لعبة «سنت».

هل عرف المصري القديم كرة القدم؟

سؤال جدلي لم تثبت له إجابة قاطعة إلا أن المؤرخ اليوناني هيردوت قد رصد في عام 460 قبل الميلاد، مشاهدته لأطفال مصريين يلعبون بكرة محشوة بالقش، والقماش المقطع والشعر على رقعة من الأرض مقسمة إلى خطوط طول وعرض، حيث كانوا يحاولون الوصول بتلك الكرة إلى خيط مربوط بين عمودين لتسجيل الأهداف، وهو ما اعتبره بعض العلماء دليلا على معرفة المصري القديم بكرة القدم، علمًا بأن بعض تلك الكرات تتواجد في المتحف المصري بالوقت الحالي.

وأخيرا.. تبقى الحضارة المصرية القديمة بكافة جوانبها مصدر إلهام لا ينضب، فلا يزال الباب مفتوحًا أمام العديد من المفاجآت.

زر الذهاب إلى الأعلى