أساطير

Vodnik وحش الماء

Vodnik وحش الماء في أوروبا الشرقية

Vodnik وحش الماءVodnik وحش الماء في أوروبا الشرقية فتوجد دائمًا أشياء مخيفة تحت الماء، لطالما خاف الناس في العصور القديمة من البحار أو حتى الأنهار، ونسجوا الكثير من الأساطير حولها، فمثلًا الفراعنة اعتقدوا أن نهر النيل مقدس ويجب أن يضحوا بإحدى الجميلات فيه منعًا لجفافه، مرورًا بالكثير من الحضارات والثقافات التي اعتقدت ذلك.

فالبحر أو النهر كما أنه مصدر رزق وحياة للبحارة وللصيادين، فهو مصدر قلق وخوف أيضًا، فهي كمية هائلة من المياه التي لم يعرف لها قديمًا مصدرًا واضحًا، ولا سببًا لوجودها، وتمتد لمساحة شاسعة لا يقدر أحد على حصرها.

فملأ خيالهم تلك البحار والأنهار بالكائنات التي اعتقدوا أن لها سلطانًا في تلك المياه، واعتقدوا في داخلهم أنه لا يجب الإساءة لتلك الكائنات وإلا حدث ما لا يحمد عقباه، ويجب التعامل بحرص أثناء الإبحار أو حتى على الشاطئ.

واحد من أشهر وحوش الماء:

ومن تلك الكائنات سنتحدث اليوم عن “Vodnik” وفي أقوال أخرى “Vodyanoy”، وهذا الكائن الأسطوري ذاع صيته في بلاد أوروبا الشرقية، خاصة في تلك الريفية القريبة من الأنهار أو حتى البحار.

ومعنى اسمه بالعربية “الكائن المائي” أو “الرجل المائي” أو حتى “وحش الماء”، وقد امتدت شهرته في العصور القديمة بل وحتى يومنا هذا في روسيا الاتحادية وسلوفاكيا وسلوفينيا وجمهورية التشيك وهي من الشعوب السلفية في أوروبا، وأيضًا في أجزاء من ألمانيا.

ويصف السكان المحليون ال “Vodnik” بأنه كائن يعيش تحت الماء، نصفه العلوي يشبه جسد الإنسان ولديه وجه ضفدع، ولديه ذيل حورية بحر يتحول لأقدام ضفدع يمشي بها على اليابسة، فهو يعتبر برمائي حيث يعيش في المياه لكنه يصعد إلى اليابسة من أجل استدراج ضحاياه من البشر.

وأرعب هذا الكائن السكان المحليين نتيجة لمكره الشديد، فيقول المزارعين بأنه ماكر حيث يستطيع التنكر في هيئة إنسان، وينزل إلى القرية يتمشى ويراقب الناس، وفي المساء يكون بالقرب من شاطئ النهر عند الغروب.

ويغري العابرين بألاعيبه الشيطانية ليوقع به، حيث يمكن أن يتحول لحصان ليغري المارة بركوبه، ثم يقفز بهم في المياه ويغرقهم، أو يظهر في هيئة رجل عجوز يطلب المساعدة ثم يخنق ضحاياه ويقفز بهم في المياه.

ويعرفون عنه أنه يحتفظ بأرواح من قتلهم في إناء يشبه إبريق الشاي المغلقة، ويحتفظ بها في بيته تحت الماء، وإذا خدعه أحدهم في مرة وتسلسل إلى بيته وفتح غطاء الإبريق سوف يتم تحرير تلك الروح التي حبسها.

وانتشرت عن هذا الكائن الكثير من الحكايات باعتباره واحد من أشهر الكائنات المخيفة في الثقافات المحلية لتلك البلدان، ويتصف “Vodnik” بالمزاج المتقلب، والذكاء الشديد، وأيضًا المغامرة لأنه يكره الملل.

ويحذر منه كل المزارعين في تلك المناطق الريفية، فبمجرد أن تغرب الشمس يخشون الذهاب إلى النهر بمفردهم، وإلا سيتسلى عليهم “Vodnik” الذي يحب أن يجلس فوق جزوع الأشجار الطافية على سطح الماء ليدخن التبغ الذي اشتراه من السوق في غليونه الخاص، فهو يحب التدخين بشدة لدرجة تصويره في الرسوم الشعبية ممسكًا بالغليون.

وعلى الرغم من خطورته والقصص المرعبة التي يسردها المزارعين فيما بينهم عنه، أو تسردها الأمهات لأطفالها خاصة الفتيات الحسناوات التي يحب أن يغازلهن ويخطفهن دون رجعة، إلا أنه توجد بعض الحكايات التي قام فيها بمساعدة البشر على قتل وحوش أخرى عن طريق قدرته في السيطرة على الكائنات البحرية.

حضور “Vodnik” في الأدب:

وقد جمعت عنه قصة شعبية شعرية في الكتاب التشيكي الشهير “kytice” والمعروف في أوروبا بعنوان “A Bouquet” وباللغة العربية يعرف باسم “باقة الزهور” وصدر في العام 1853 وترجم إلى العديد من لغات أوروبا باعتباره واحد من أهم الكتب التي تحتفظ بالتراث الشعبي في صورة قصائد شعرية بديعة من تأليف كارل يارومير إربن، وتم تصويره في القصة في صورته التي عرضت في المقال، وقد جاءت الأنشودة بعنوان “Vodnik”.

وتحكي قصتها عن عروس جميلة يقترب موعد زفافها، وتحذرها أمها من زيارة النهار قبل الزفاف حتى لا يتعرض لها “Vodnik” البحيرة، إلا أنها تجاهلت تحذير الأم وذهبت للبحيرة، وبالفعل قام ال Vodnik بخطفها والزواج منها وحبسها في منزله تحت الماء.

وقد تم ذكره أيضًا في أدب دولة سلوفينيا في قصيدة شعرية بعنوان “vodyanoy” في العام 1826، وهي تصور قيامه بالتنكر في هيئة إنسان ليحضر حفل راقص ويختطف أجمل فتاة في القرية وينزل بها إلى تحت الماء.

وحتى يومنا هذا تنتشر القصص عن “Vodnik” في أوروبا الشرقية بشكل خاص، وتقوم الجدات بذكر قصته قبل النوم للأطفال الصغار في المناطق الريفية القريبة من الأنهار، بل وأكثر فقد ظهر في الرسوم المتحركة والأعمال التلفزيونية، مثل ظهور شخصيته في فيلم الكرتون الروسي “The flying ship” في العام 1979.

اقرأ أيضاً

كهف مجلس الجن

ماري عديمة الرأس بقلم: محمد جمال

عبد الرحمن توفيق

كاتب محتوى ومؤلف قصص، متخرج من كلية الألسن جامعة عين شمس، مهتم بالفن والفنانين وخاصة في السينما والتلفزيون، عاشق للتراث الشعبي والفني.
زر الذهاب إلى الأعلى