مع انتشار المشروعات الصغيرة والتي تبتعد عن الروتين والتقليدية في العمل وتتخذ من الشبكة العنكبوتية قاعدة انطلاق لها، كان يجب أن يشد انتباهنا في شخابيط موقع مميز لصاحبته متعددة المواهب.
أنه ميرا كيك Mera’s cake & decorations، في البداية ستظن أنها مجرد صفحة أخرى للبيع أون لاين ولكن عندما تتعمق داخلها ستكتشف أن خلف هذه الصفحة روح فنانة وسيدة تجيد أن تعزف بأناملها سيمفونية من الرقة والجمال.
فرغدة سمير الفنانة الواعدة التي أسست هذا العمل المميز، لم تتوجه فقط لعمل الحلوى والكيكات والتورت المميزة كمهنة احترافية، ولكنها فنانة على نطاق واسع وفي مجالات عدة سنستكشفها سويًا في حوار شيق معها، يمكنه أن يلهم الكثير من السيدات والفتيات بأن يؤسسن مشروعاتهم الخاصة وأن يكن ناجحات كسيدات أعمال في أعمالهن الصغيرة التي تتعاظم يومًا بعد يوم.
الفنانة المرهفة وبداية غير تقليدية
بدأ حوارنا بالرغبة في التعمق في معرفة الشخصية وراء الأعمال المميزة المعروضة عبر صفحتها، وكانت المفاجئة أن رغدة لم تبدأ الطريق من حب الطبخ وعالم الحلوى ولكن بدأت من حب الفن.
فهي خريجة كلية تربية نوعية قسم تربية فنية وتخصصت في مجال الأشغال الفنية والخشبية، ومع تفوقها في عالم الفن وتخرجها بترتيب الرابعة على دفعتها بل الأولى على كامل الدفعة في السنة النهائية، ومع عملها معيدة منتدبة وتحضيرها لرسالة الماجيستير، لم يتوقف طموح رغدة عن ممارسة الفن في أشكال عدة وغير تقليدية، فلم يعد تشكيل الأخشاب والأعمال الفنية التقليدية وحده يكفيها.
مع ذوي الاحتياجات الخاصة تطورت موهبتها
في البداية سجلت رغدة رسالة الماجيستير عن طرق مناهج وطرق تدريس التربية الفنية للمعاقين ذهنيًا، وقد يعتقد البعض أن هناك مسافة بعيدة بين مجال دراستها وبين المشروع التجاري الذي اختارته، ولكن الحقيقة أن التعمق سيرينا كيف كان الصبر والدقة والرغبة في الوصول إلى الأفضل هو المحرك لرغدة، فمع ذوي الاحتياجات الخاصة نمت مواهبها لتصل بهم لنتائج مميزة في الأعمال الفنية، وهي نفس المواهب التي تستخدمها لتخرج قطعها الفنية المميزة.
عيد ميلاد ابنتها كان نقطة الانطلاق
كثيرات لا يعرفن من أين البداية، وكذلك كانت رغدة، فمع الارتباط والانغماس في عالم الأمومة تأخرت قليلًا في تحضير الماجيستير نظرًا للضغوط الحياتية عليها كأم عاملة زوجها يعمل في شمال سيناء وبعيد بحكم عمله أغلب الوقت مما يزيد من حمل المسئولية على كاهلها.
في عيد ميلاد ابنتها الثاني كانت تحلم بعمل عيد ميلاد مميز ولكنها اكتشفت أن التكلفة ستكون ضخمة للغاية لذا قررت أن تقوم هي بعمل كل شيء.
بدأت تخطط لكل شيء وقامت بعمل الحلوى والتورته لتأتي النتيجة مبهرة لكل من رأها، ولينصحها الجميع بأن تؤسس عمل خاص يتناسب مع موهبتها.
وهكذا اكتشفت رغدة أن موهبتها يمكن أن تستغل في مجال أخر جديد وبشكل مختلف عن المعتاد، فقامت بتأسيس صفحة مع صديقة لم تستمر هذه الشراكة طويلًا لتنفصل في صفحة خاصة وتبدأ في عرض أعمالها.
كلمة السر الاجتهاد والمثابرة
عندما سألنا رغدة عن كلمة سر النجاح كيف لها أن تحقق الشهرة في هذا المجال وأن تحظى بتقييم عالي من كل من تعامل معها، كانت إجابتها عن المثابرة والاجتهاد.
فمجرد إيجاد بداية الطريق لا تعني النجاح الفوري، بل لقد حرصت رغدة على أن تشاهد فيديوهات وتقرأ وتستكشف وتجرب وتتعلم كل شيء عن هذا العالم الذي قررت دخوله قبل أن تبدأ العمل بشكل احترافي، عام كامل تعيد اكتشاف كل شيء وتتعلم كل جديد.
وقد علقت على بعض من يريدون اقتحام مجال جديد فتكون أدواتهم هو إنشاء صفحة ثم الانطلاق وهكذا لن يكون النجاح حليفهم في النهاية، لأنهم لم يخططوا ولم يدرسوا.
وهكذا مستفيدة من طبيعتها الأكاديمية وقدرتها على الدراسة والتحليل عرفت رغدة كل ما تستطيع عن العمل فإن كانت تتمتع بالموهبة في الفن والتصميم فقد أرادت أن تصقلها بموهبة في معرفة أصول عمل الحلوى وتستكشف ثقافات وأفكار جديدة ليخرج عملها مميز من جميع الجهات.
من أين يأتي الإلهام
أيًا كان العمل الفني فهو يحتاج إلى إلهام، إلى أفكار مبتكرة لتختلف عن الآخرين وتتميز في هذا العمل، وقد أوضحت رغدة كيف أنها تطلع كثيرًا جدًا على الفيديوهات المختلفة لتحوز أفكار من كل مكان، ثم تصهرها سويًا في بوتقة عقلها لتخرج فكرة جديدة، بطبيعة الحال فإنها تتعامل مع جمهور له وجهات نظرة، لذا فهي تتفاهم مع العميل حيث تطرح أفكارها ويقومون بتعديلها سويًا حتى تصل للمرحلة النهاية التي ترضي العميل وترج في نفس الوقت بشكل جديد ومختلف.
الديك الأنيق أغرب ما قدمت
عند الإعداد للحوار أكثر ما شد نظري في الأعمال المعروضة بصفحتها كانت تورتة على شكل ديك كأنه قطعة خزفية متقنة، من الصعب تخيل أنها قابلة للأكل كما أنها غير تقليدية في عالم التورتات 3D لذا قررت أن يكون لهذا الديك مساحة في حوارنا لأعرف القصة وراءه، ولكن الطريف أنه قبل أن أسئل عن الديك، وعند سؤال رغدة عن أغرب الأعمال التي قابلتها فوجئت أنها تحكي لي قصة الديك مباشرة.
كانت العميلة زوجة لمدير في شركة للدواجن تريد الاحتفال مع زوجها بمنصبة الجديد وذهبت لرغدة وهي تبحث عن فكرة جديدة، عندما اطلعوا سويًا على كافة الأفكار التقليدية للقطع 3D المتعلقة بعالم الدواجن أتت تقليدية وقد تم استهلاكها من قبل.
وهنا خطرت لرغدة الفكرة أن تنحت من الكيك ديك كامل صنعت له ريشه ولونته ريشه ريشه، ليخرج كقطعة فنية مميزة، اللطيف أن المقابل المادي للعمل لم يكن كبيرًا ولكن تشعر رغدة بالفخر والسعادة بكونها أخرجت العمل بهذا الشكل الأنيق والمختلف، حتى أن الزوج لم يتخيل أن هذه كيك يمكن أكلها وتخيل أنها تمثال خزفي لتزيين مكتبة.
كل عميل له قصة
من المهارات التي يجب أن يتعلمها كل من يبدأ عمله أون لاين هو أن لكل عميل قصة وكل شخص هو حالة خاصة يجب مراعاتها، وهو الأمر الذي تحرص عليه رغدة والذي تعلمته كأحد أهم أسس التسويق والدعاية بنفسها من خلال الخبرة في العمل.
فهي تتعامل مع العميل وفق ما يحتاج، تعرف ميزانيته وتنصحه بالأفضل له، في بعض الأوقات يأتي عملاء يريدون شيء جميل وكفى ولا تصور لديهم عن ما يحتاجون.
هناك تعرف رغدة المناسبة والعدد والميزانية المحددة وتنصح العميل وفقها.
فعلى سبيل المثال، قد يأتي عميل يريد بشدة تورته من عدة أدوار في الوقت نفسه فعدد المدعوين قليل من 10 إلى 12 مدعو، رغدة في هذه الحالة تتعامل مع العميل بكل شفافية، حيث تخبره أن ما يطلبه سيفوق ما يحتاج وهو سيكلفه مال أزيد وهدر في الكيك يمكن أن يفسد، لذا فلديها حلول جميلة مثل صناعة أدوار مزيفة من الكيك تسمى “دامي كيك” هي مجرد هيكل مزين بعجينة السكر غير قابل للأكل وبالطبع أقل في التكلفة، وهكذا يتم عمل جزء واحد قابل للأكل وباقي التورته تكون هيكلية لتسعد العميل بالشكل الذي يحلم به دون إرهاقه بعبء مادي غير ضروري.
تستخدم رغدة الدامي كيك خاصة في حفلات الخطوبة والزفاف حيث تطلب العروس تورته ضخمة في الحجم ولكنها مناسبة لميزانيتها المادية.
ليس فقط صناعة الحلوى ولكن ما وراء الحلوى
نظرًا لدراستها لم تكتفي رغدة بأن تصنع الحلوى، بل بدأت في التوجه لصناعة الأدوات التي تمكنها من صنع الحلوى نفسها، فعندما نظرت حولها وجدت أنه على سبيل المثال القوالب المتخصصة في صنع الكاب كيك بعض أنواعها غالية الثمن ناهيك عن عدم توفرها جميعًا في السوق المصري.
لذا بدأت تستغل موهبتها في صناعة قوالب السيلكون الأصلية لصناعة الكب كيك، ثم توجهت بعد ذلك لصناعة دانتيل الحلوى التي تزين بها الورتات والتي تكلف مبالغ كبيرة للغاية وتزيد من التكلفة الكلية للقطعة ككل، لذا بدأت في صناعته بنفسها لتقليل الميزانية وتخفيف العبء على العميل.
وقد توسعت رغدة لصناعة الاستندات الخشبية لحمل الكعك والتورتات وغيرها من الأدوات، وقد بدأت ليس فقط في الصناعة من أجل عملها الخاص، بل التوسع قليلًا بالتوزيع على بعض التجار اللذين رأوا أعمالها في صناعة أدوات العمل ومدى إتقانها.
الصعوبات جزء لا يتجزأ من النجاح
الطريق للنجاح ليس مفروش بالورود بل واجهت رغدة صعوبات كثيرة منها بعد أماكن بيع المواد الخام عن محل إقامتها والاختيار بين تضييع الوقت والجهد لشرائها من أماكن بيع الجملة أو شرائها بسعر أكبر من أماكن أقرب، كذلك عدم معرفة الجمهور بطبيعة العمل، فهناك من يتخيل أن عمل الحلوى 3D أمر سهل يمكن إنجازه في ساعتين سريعًا وأنه يمكن طلب أوردر اليوم والحصول عليه بعد عدة ساعات، بينما في الواقع فإن هذا العمل يحتاج إلى أيام من الطهي والنحت والتشكيل والتخفيف وغيرها من الأعمال المرهقة للغاية.
كذلك فإن طبيعة القطعة المطلوبة قد لا تتفق مع الفصل الزمني فمثلًا القطع غزيرة الكريمة أو الفواكه لا تصلح لفصل الصيف خاصة عندما يكون مكان العميل بعيد عن رغدة، حيث عملية النقل ستؤدي لذوبان الكريمة أو فساد الفاكهة أثناء وقت الإعداد.
لذا تقوم رغدة بالتغلب على هذا بالمصداقية حيث تخبر العميل بكافة التفاصيل الخاصة بعملية الصناعة ليكون على معرفة بكل شيء ويختار ما يريد بناء على معلومات حقيقية.
كورس للعميل كيف يحمل ويقطع التورته
لا تكتفي رغدة بتقديم خدمة صناعة وبيع الحلوى، فهي تتفانى في عملها لتقدم خدمة ما بعد البيع، حيث تقوم بتعريف العميل بالكيفية الأمثل لتحمل ونقل الحلوى بدون أن تفسد في الطريق.
كذلك تطلع العميل على الطريقة الأصح لتقطيع التورته بشكل يحافظ عليها ويقدم أكبر استفادة منها، فالتقطيع الاحترافي يفرق بشدة، فالتقطيع العادي على سبيل المثال لتورته مقاس 22 يمكن أن يقدم 10 قطع في المتوسط للبالغين، بينما التقطيع الاحترافي ممكن أن تصل عدد القطع ل15 قطعة.
وكذلك فإن التقطيع للأطفال يفرق فنفس الحجم عند تقطيعه للأطفال ممكن أن يكفي حتى 25 طفل.
أحلام عريضة لشخصية مميزة
بعد حوار دام لأكثر من ساعة ونصف مع رغدة التي تمتلئ بالحيوية والنشاط لتكون مثال مبهج وراقي للسيدة المتفوقة التي تريد أن تصنع حلمها على أرض الواقع، أوضحت رغدة أن أحلامها تنقسم لشقين شق ينتمي لعالم الحلوى، وهو أن تستطيع دائمًا تقديم نوعيات مختلفة من الحلوى وأشكال مميزة ومختلفة.
وشق يتعلق بكونها فنانة، وهو حلمها بتقديم برنامج تلفزيوني أو فقرة في برنامج عن الريسيكلينج بشكل فني للمواد المختلفة للأطفال، وكيف يمكن للأطفال الابتعاد عن عالم الموبايل والتابلت قليلًا لممارسة نشاطات حماسية ولطيفة ومفيدة في نفس الوقت تخرج بشكل فني ومميز.
واختتمت رغدة حوارها بجملة مميزة لكل ست بيت تبحث عن نفسها قائلة ” أنت عندك شباك تبصي منه على الحته بتاعتك اللي أنت بتجيديها وبتعرفي تنجحي فيها، فقط دوري على الشباك وماتستسلميش وهتنجحي”.
اقرأ أيضًا
ارتدي ملابس منزلية أنيقة في فترة الحظر
إضاءات منزلية تساعد على بث التفاؤل وتحسين المزاج