حدث بالفعل

لغز التوأم المنتحر

لغز التوأم المنتحر

كُنت قاعِد في مكتبي، بحاوِل أكتِب مقال جديد، الدنيا حر جدًا، ومش لاقي أفكار جديدة، آخر مرة دخلت لرئيس التحرير كان واضِح وصريح، الجُرنان محتاج مقالات جديدة وأفكار تكون متعملتش، ولو مقالي الجديد مكسرش الدنيا.. فالمفروض أدوّر على شُغل تاني.

 

سمعت صوت خبط جاي من على الباب، طلبت من اللي برا يدخُل، كُنت فاكِر إنه آدم اللي ماسك البوفيه في الجورنان جايبلي القهوة بتاعتي، بس اللي دخلت كانِت ست زي القمر، مُرتبِكة شوية وباين عليها متوتّرة، قعدت على الكُرسي اللي أدامي وقالت وهي متوترة: “أنت كُنت كاتِب إن أي حد عنده لغز غريب.. يجيلك.. صح؟”

هزيت راسي، دا حقيقي فعلًا، عملت إعلان وعلقته على الشجر وعمدان النور في الشارِع، قالتلي وهي بتبصلي بحيرة: “سمعت عن لغز التوأم المنتحر ؟”

هزيت راسي، لا مسمعتش عن الموضوع دا قبل كدا، خدت نفس طويل وعميق.. وبدأت تحكي

 

***

لغز التوأم المنتحر

“الموضوع دا حصل في صيف سنة ١٩٧٥، كانوا توأم عندهم ٤٥ سنة، لقوا جُثثهم مُتحلّلة تمامًا في شقتهم في مانهاتن، الشقة كانِت مليانة ببواقي أكل زي الفراخ، الفاكهة المعفّنة، وأزايز الدوا الفاضية، الجُثتين دول كانوا جُثث مارتين وستيوارت ماركوس، كان باين من الوضع العام إنهم انتحروا بالاتفاق مع بعض.

طبعًا لمَّا سمعت الخبر كُنت مصدومة، الناس كُلها اتصدمت من اللي حصل لهم، حاجة من الحاجات اللي سببت صدمتي هو الصدفة الغريبة اللي خلَّت تاريخ وفاة التوأم مُتطابِق زي تاريخ ميلادهم، الحاجة التانية كانِت شهرتهم.. التوأم كانوا من أشهر دكاترة النسا والتوليد في نيويورك.

بالنسبة لي.. كُنت عارفاهم كويّس، خصوصًا ماركوس لأنه كان الدكتور بتاعي لفترة، سنة ١٩٦٦ كانِت هي السنة اللي بدأت أزوره في عيادته، وهي برضه كانِت نفس السنة اللي بطلت أزوره فيها.

أول زيارتين مشوا بشكل كويّس أوي، كان لطيف وبيتكلّم عادي جدًا، لكن في الزيارة التالتة كان غضبان وبدأ يصرَّخ في وشي، جوزي كان معايا وقتها، كان ماسِك نفسه بالعافية وهو بيقولي: “يلا نمشي من هنا، الراجل دا باين عليه مجنون”.

الغريبة.. إن دكتور ماركوس كان باين عليه إنه مش مركّز معانا أصلًا، زي ما يكون تايه!

وقتها كُنت مستغربة جدًا إزاي شخص مجنون زي دا مُمكِن يكون دكتور شاطِر ومشهور! لمَّا سمعت عن وفاته.. الموضوع شغلني جدًا، خصوصًا إنه كان لغز كبير.. ووراه مستخبية ألغاز كتير صُغيَّرة!

واحد من الألغاز دي كان عدد أزايز الباربيتيورات اللي لقوها في شقتهم، في البداية الناس كانوا فاكرين إنهم انتحروا بعد ما خدوا جرعة كبيرة من الحبوب المنوّمة، لكن الطب الشرعي أثبت إن مفيش أثر للحبوب في جسمهم نهائيًا.

وقتها ظهرت نظرية تانية.. إن التوأم كانوا مدمنين للحبوب دي، ولمّا حاولوا يبطلوها، أعراض الانسحاب قتلتهم، خصوصًا إن إدمان الحبوب دي بيسبّب عادةً تشنجات، ونوبات مُمكِن تكون قاتِلة.

وبدأ الطب الشرعي يدوّر على العلامات اللي بتسببها التشنجات دي زي الكدمات، عض اللسان، ونزيف في المُخ، لكن ملقوش حاجة، فكان الحل الوحيد.. إنهم يعملوا تحاليل تانية.

المرة دي التحليل أثبت وجود كميات ضئيلة جدًا من المواد المنوّمة في دم ستيورات، ودا كان مُمكِن يكون دليل ضعيف على سبب وفاته، لكن مارتين مات إزاي وهو جسمه نضيف!

دا كان لغز! وما زال لُغز لحَد النهاردة!

حاسِس إن اللُغز دا مش كفاية؟ طيب هقولك حاجة أغرب..

الطب الشرعي أثبت إن مارتين مات بعد أخوه بكام يوم، طيب إيه المُبرّر اللي يخليه يخرج من البيت وأخوه واقِع على الأرض ميت، ويرجع بعد كام يوم ينام جنبه على الأرض ويموت؟ وليه؟

أقولك لغز تالت وأخير؟

الأخوين استخدموا كرسي السُفرة كحمام وقضوا فيه حاجتهم، رغم إن حمام بيتهم سليم ونضيف ومفيش أي مانِع من استخدامه؟

طيب ليه عملوا كدا؟

كُل الألغاز دي لحَد النهاردة مالهاش حل، محدّش قادِر يبرّر أو يفهم أو حتى يلاقي إجابة لأي سؤال منهم!”

 

***

 

مشت وسابتني، حاسِس إني زي ما أكون بحلَم، كتبت المقال وقدمته لرئيس التحرير.

تفتكروا هيقبله؟

والله لو قبله.. هتشوفوني تاني الأسبوع الجاي!

محمد عصمت

ولد الكاتب محمد عصمت عام 1988م في محافظة دمياط بمصر ، تخرج من كلية التجارة، اشتهر بكتاباته روايات الرعب و أعماله القصصية المترجمة ،و كانت أولى رواياته بعنوان “الممسوس” عام 2014م ، و هي رواية رعب فريدة من نوعها ، وصدر له روايات أخرى مثل (باب اللعنات، الجانب المظلم، ذاتوى) ، ويصدر له على موقع شخابيط سلسة مقالات حقل ألغاز

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى