ساخر

في رياض الشعراء

في رياض الشعراء

في رياض الشعراء: جالستُ يومًا شيخَ شيوخِ الشعراء، المشهود له بالحكمة والإيفاء، في كل أصناف الشعر من الغزل إلى الرثاء … فسألته متأدبًا في حضرته أنا ينشد علينا شيء لم يشهد الخلق مثله … فتنحنح الشاعر المعظم و قال “إحم إحم” و ضحك و قال “يعني لو مكنتش تحلف يا هيثم”

فقال الشيخ الهُمَام: كان يومًا من أيام الفرح و السرور، حيث قام رياض باشا بذبح الذبائح و توزيع اللحوم، إشي ضاني و إشي عجالي و حاجة كدا فللي، و كنت أنا بعيدًا عن أرض الحدث، لما انشغلت مع البت هناء، أنت عارف هي تبقى “الحب الحب القلب القلب”، فلما فرغتُ من حالي وعدتُ إلى داري كانت اللحمة خلصت و حاجة حزن الحزن، فهرعت نَدِمًا إلى داره ووقفت على بابه و رجوت العفو من جنابه وابتهلت في جماله فقلت:

الخير عم الناس                    ****                       ما حد إلا واستكفى

إلا أنا يا سيدي رياض             ****                        وقعت من قعر القُفَّا (1)

في رياض الشعراء

–عزيزي المحرر: بعد التحية و السلام، يُرجى ترك كلمة ” القُفَّا” في حالها حِكم إن القافية حَكَمتْ، سيب كمان الكلمتين دول خليني أطلع رِوِش.–

يقول الشاعر الهُمام: فلما سمع سيدي رياض شعري، وخَبِرَ ما جال بصدري، وهاج بقلبي، وشت بفكري .. حن لحالي وأغناني عن سؤالي و قال لي “من إنهاردا إنت صديقي”

فضحكتُ وهللتُ ومدحتُ فأبدعتُ إذ قلتُ “إنت ازاي كدا؟”

فسألته أنا يخبرني شيءً من الغزل الرفيع، ما يهز القلوب و يرسم الربيع … فأجاب مستحيًا و رد مشتهيًا للحب الجميل فقال “أحكيك ع البت هناء”

كان نفس يوم ذبائح رياض باشا و كنت جلست مع هناء تحت إحدى شجرات البطيخ (2) نستظل بظلها العظيم، فأثارني اختلاط جمال الطبيعة مع جمال المحبوبة فقلت مبدعًا مبتكراً ما لم يشهده الخلق قبلي، فقلت

تحت الشجرة يا حبيبتي **** ياما كلنا من الرمان

كحل عيونك روجك أنتي **** جارحين في قلوب الجدعان (3)

فهللت واندمجت و كبرت و قلت “الله عليكي يا ست … سوري .. أقصد يا شيخ الشعراء .. لأ حلوة و جديدة و متعملتش قبل كدا” ثم سكتت هنيهة وفكرت للحظة و سألته “ألم تكونوا قد جلستم تحت إحدى شجرات البطيخ؟ فكيف استحالت في الشعر لرمان؟”

فنظر وابتسم و قال : هكذا نحن معشر الشعراء نملك قلوب الناس بقوافينا و يملك قوافينا البتاع بتاع البتاع

و بينما نحن على ذلك، مر بنا رجل رث الثياب مهلهلها، يبدو عليه الجوع والفقر الشديد، يطلب شيء لله، فنهره شيخ الشعراء و قال أعمل تُعْطَى.

فتبسم الفقير وقال:

خَبِرْتُ زمان السابقين وإنني               ****              بكل ما شهد الحضورُ خَبُورُ

وهذي ثيابُ العاشقين فكم بها               ****              لِسَهم العشق رقعةٌ وثغورُ

فَدَعْ عنا وعنك عتابك فقرَنا                 ****              فليس يشبعني وليس يُضِيرَ

وما كل من نقص يومًا مالُه                 ****              يكون بين العالمين فقير(4)

فقير القوم من لا علم عِنْدَه                   ****              وعِلمُكَ بطيخُ الأنامِ يطيرُ(5)

 

  • (1) المصدر مجهول
  • (2) ثمار البطيخ تثمر من نباتات تفترش الأرض و ليس الشجر
  • (3) واضح هي مسوتحاه منين طبعا
  • (4) الأصل هو الفتح لكن تنطق بالضم اتباعًا للقافية
  • (5) الأبيات من تأليف الكاتب

اقرأ أيضًا:

مركز إنسان يتعاقد مع الشاعر سيد شوقي لطباعة عدة دواوين

زر الذهاب إلى الأعلى