اختراع التلغراف .. اختراع غير من مسار عالم الاتصال إلى الأبد
عندما أراد المسئولون البريطانيون الاتصال والتواصل بين لندن والقاعدة البحرية في مدينة بورتسموت في أوائل القرن التاسع عشر، استخدموا ما يُعرف بخط الإشارة، عبارة عن سلسلة من الأبراج مبنية على نقاط عالية عن الأرض تحمل مصاريع محورية تُعرف باسم الشفرات والمجاذيف، يتم ترميز المعلومات بواسطة بعض العناصر الميكانيكية، تنقل تلك المصاريع وميض الإشارة من برج لبرج.
يمكن إرسال رسالة إشارة على بعد 85 ميل بين مدينة بورتسموت ومدينة لندن في حوالي 15 دقيقة، كان هذا النظام ماهر جدًا في ذلك الوقت، ولكن كان هناك حاجة لاتصال أسرع بكثير من هذه الطريقة القديمة.
اختراع التلغراف
بدأ البروفسور الأمريكي صمويل مورس، في تجربة إرسال الاتصالات عبر الإشارة الكهرومغناطيسية في أوائل ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وفي عام 1838م تمكن من إرسال رسالة عبر ملايين من الأسلاك في بلدة موريستاون في نيو جيرسي.
تلقي مورس الأموال بعد ذلك من الكونجرس لعمل خط يربط العاصمة واشنطون ومدينة بالتيمور، وبعد جهد كبير فشل في دفن الأسلاك فقرر تعليقها على الأعمدة وتم ربط الأسلاك بين المدينتين، وفي يوم 24 مايو 1844م، أرسل مورس رسالة من مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة إلى مساعده ألفريد فيل في بالتيمور .
كانت الأهمية العملية للتلغراف واضحة جدًا، وفي عام 1846م بدأت شركة جديدة ” أسوشيتد برس ” والتي بدأت في استخدام خطوط التلغراف المنتشرة بسرعة لإرسال الرسائل للمكاتب الصحفية، وتم إرسال نتائج الانتخابات عبر التلغراف من قبل الوكالة لأول مرة عام 1848م.
في العالم التالي لذلك بدأ العمال المقيمين في مدينة هاليفاكس بكندا في إرسال الأخبار التي تصل إليهم على متن القوارب من أوروبا إلى مدينة نيويورك، في حين كانت الرسائل عبر القوارب تصل في أيام.
دور إبراهام لينكولن في تدعيم الاختراعات
بعد تولي إبراهام لينكولن الرئاسة الأمريكية، أصبح التلغراف جزءًا مقبولًا في الحياة الأمريكية، تم إرسال رسالة لينكولن عن حالة الاتحاد عبر أسلاك التلغراف ونشرته صحيفة نيويورك عام 4 ديسمبر 1861م، وقالت أن الرسالة تحتوي على 578 حرفًا وتم استلامها خلال ساعة واحدة و32 دقيقة وكان ذلك انجازًا لا مثيل له.
قاد افتتان لينكولن بالتكنولوجيا والتقنيات الجديدة لقضاء ساعات عديدة بغرفة التلغراف في مبنى إدارة الحرب بالقرب من البيت الأبيض أثناء الحرب الأهلية، وكان ينتظر الرسائل مع قادته العسكريين، كان يكتب الرسائل بخط يده ويقوم مشغلو التلغراف بنقلها، في التشفير العسكري للجبهة.
وضع كابل التلغراف في المحيط الأطلسي
خلال الحرب الأهلية الأمريكية استمروا في بناء خطوط التلغراف للغرب، كان بإمكانهم إرسال الأخبار للأماكن البعيدة ولكن كان التحدي الأكبر هو وضع كابل التلغراف تحت المحيط الأطلسي في أمريكا الشمالية ليمتد إلى أوروبا.
في عام 1851م تم وضع كابل للتلغراف عبر القناة الإنجليزية، لم يكن بالإمكان نقل الأخبار من باريس إلى لندن فقط، ولكن يبدو أن الإنجاز التكنولوجي يرمز إلى السلام بين فرنسا وبريطانيا بعد عقود من الحرب النابليونية، وسرعان ما بدأت شركات التلغراف في مد الكابلات عبر ساحل نوفا سكوشا.
وشارك رجل الأعمال الأمريكي سايروس وست فيلد منشئي شركة التلغراف الأطلسيّة في إيصال كابل تلغراف تجاري كان الأوّل من نوعه كعابر للمحيط الأطلسي عام 1854م، وفي عام 1857م بدأت سفينتان مستأجرتان من قبله في مد 2500 ميل من الكابل ولكنها فشلت وتم إعادة التجربة مرة أخرى، وتم التغلب على المشكلة وحُلت عام 1858م، وفي يوم 16 أغسطس أرسلت الملكة فيكتوريا رسالة تهنئة للرئيس جيمس بيوكانان.
ولكن في عام 1865م فشل مد الكابل أكثر من 600 ميل في نيوفاوندلاند، وتم وضع الكابل المحسن عام 1866م وسرعان ما بدأت الرسائل بين الولايات المتحدة وأوروبا في التدفق، وتم تجديد الكابل .
في أواخر القرن التاسع عشر غطت أسلاك التلغراف العالم، وفي السنوات التي تلت ذلك تم وضع كابلات تحت البحر بالشرق الأوسط لتمد للهند وسنغافورة وأستراليا، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر تم توصيل جزء كبير من الكابلات في جميع الكرة الأرضية.
اقرأ أيضاً
تاريخ اختراع الولاعة ومراحل تطويرها